للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تكلم على الآيتين الحافظ في «الفتح» «٣/ ١٨٠ - ١٨٦»، وفسرهما، وشرح الأحاديث التي ذكرها البخاري في هذا الباب، وأطال في استقصائها الحافظ ابن كثير؛ فراجعها في «تفسيره» «٢/ ٥٣١ - ٥٣٨».

«فتنة المسيح» قال أهل اللغة: «الفتنة»: الامتحان والاختبار.

قال عياض: واستعمالها في العرف لكشف ما يكره. كذا في «الفتح».

واعلم أن الأحاديث في خروج الدجال في آخر الزمان كثيرة جداً؛ بل هي متواترة، لا يمكن لمطلع عاقل إنكارها، كلا، ولا تأويل معانيها؛ بل تعطيلها؛ لأن مجموع هذه الأحاديث تقطع بمجيئه.

وإنه رجل شاب قَطَطٌ، شَبَّهَه - صلى الله عليه وسلم - بعبد العُزّى بن قَطَن، وإنه أعور العين مكتوب بين عينيه: «كافر» يقرؤه كل مؤمن؛ كاتب وغير كاتب، وهو يخرج بين الشام والعراق، تَبَعُهُ من يهود أصفهان سبعون ألفاً، عليهم الطيالسة، لَبْثُه في الأرض أربعون يوماً؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، سرعته في الأرض كالغيث استدبرته الريح، وليس من بلد إلا سيطؤه، إلا مكة والمدينة، يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، يجيء ومعه مثل الجنة والنار، وذلك في رَأْيِ العين، ويأخذ رجلاً فينشره بالمنشار، ثم يحييه، ثم يأخذه ليذبحه، فلا يستطيع إليه سبيلاً؛ فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به؛ فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة.

ثم يبعث الله تعالى المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق؛ فيطلب الدجال حتى يدركه بـ «باب لُدٍّ»؛ فيقتله.

كل هذه الأخبار صحيحة ثابتة في «صحيح البخاري» و «مسلم»، وهي من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها؛ كما قال تعالى: {الم. ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ}.

وأما تأويلها، بل تعطيلها - كما فعل غلام أحمد القادياني الذي كان ادعى النبوة - بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>