للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا جهل بالشرع؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يعلم الغيب وهو في قيد الحياة - كما حكى الله تعالى ذلك عنه في القرآن: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} -؛ فكيف يعلم - صلى الله عليه وسلم - ذلك بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى؟ ! فالصواب اليوم أن يقتصر في الجواب على قوله: الله أعلم.

وإنما كان الصحابة رضي الله عنهم يجيبونه - صلى الله عليه وسلم - بقولهم: الله ورسوله أعلم. لعلمهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - ما سألهم إلا وعنده علم ذلك، وإلا؛ ليُنَبَّئَهُم به.

فتنبه لهذا، ولا تكن من الغافلين.

قوله: «دعا الله باسمه العظيم» فيه مشروعية التوسل إلى الله تعالى بأسماء الله تعالى الحسنى وصفاته، وهو ما أمر الله تعالى به في قوله: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨] ولا سيما الاسم الأعظم. وقد اتفق العلماء على ذلك؛ لهذا الحديث وما في معناه.

وإن مما يؤسف له أن ترى الناس اليوم - وفيهم كثير من الخاصة - لا تكاد تسمع أحداً منهم يتوسل بأسماء الله تعالى؛ بل إنهم على العكس من ذلك يتوسلون بما لم يأت به كتاب ولا سنة، ولم يعرف عن السالفين من الأئمة؛ كقولهم: أسألك بحق فلان، أو جاه فلان، أو حرمة فلان، وقد يحتج أولئك على عملهم هذا بأحاديث بعضها صحيح - كحديث الأعمى، وإن تكلم فيه بعض المتأخرين، فالصواب ما قلناه -، ولكنه لا يدل على ما زعموه - كما بين ذلك العلماء المحققون -، والبعض الآخر ضعيف لا يصح، وفيها كثير من الموضوعات؛ كحديث: «لما أذنب آدم عليه الصلاة والسلام. .. »، وفيه قال: «أسألك بحق محمد إلا غفرت لي». كما بينت ذلك في تعليقي على «المعجم الصغير» «٢/ ١٤٨»، [و «السلسلة الضعيفة» «رقم ٢٥»].

ولا أريد التوسع في ذلك الآن، وإنما أردت أن ألفت نظر المسلم البصير في دينه إلى ما يفعله الإحداث في الدين من صرف الناس عن الصحيح الثابت عن سيد المرسلين، وذلك مصداق قول بعض الصحابة رضي الله عنهم: ما أُحدثت بدعة إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>