راتب ولا مؤذن راتب فإن إعادتها في مثل هذا المسجد لا تكره لما يأتي وبذلك يتفق الأثران ولا يختلفان.
وأحسن ما وقفت عليه من كلام الأئمة في هذه المسألة هو كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه ولا بأس من نقله مع شيء من الاختصار ولو طال به التعليق نظرا لأهميته وغفلة أكثر الناس عنه قال رضي الله عنه في «الأم» ١/ ١٣٦:
«وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي إن لم يأته وصلى في مسجده منفردا فحسن، وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى، ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة، فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه، وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم، وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرقة الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام الجماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون بهذا اختلاف وتفرق الكلمة وفيهما المكروه، وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن، فأما مسجد بني على ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام راتب ويصلي فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره قال:
وإنما منعني أن أقول: صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل: لا تجزي المنفرد صلاته، وأنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا، وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاؤوا المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين».
وما علقه الشافعي عن الصحابة قد جاء موصولا عن الحسن البصري قال: