مس ذكره فليتوضأ»، أي من مس ذكره بشهوة فليتوضأ، فمن باب أولى لو صح الحديث اللفظ الأول «من مس ذكر غيره فليتوضأ» إنما المقصود إذا كان مَسُّه لذكر غيره من باب إثارة الشهوة لنفسه؛ حينئذٍ يكون تَحَقَّق العلة المفهومة من الحديث الصحيح، بالإضافة إلى حديث طلق بن علي الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل عن رَجُل وهو يُصَلِّي فمد يده فحك جسده فمس عضوه، هل يتوضأ؟ فقال:«هل هو إلا بضْعَة منك».
فجمعاً بين الحديث الأول:«من مس ذكره فليتوضأ»، وبين هذا الحديث الآخر، نفهم من الجمع بينهما أن المسّ الناقض للوضوء هو إذا كان بشهوة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الثاني أنكر على السائل أنه يجب الوضوء من مس الذكر، إذا ما كان مَسّه إياه كما لو مس قطعة من بدنه.
وقد أوضح هذا المعنى أحد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو عبد الله ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يقرأ القرآن غَضًّا طَرِيًّا كما أُنْزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد»، ابن مسعود هذا ابن أم عبد سأل نفس السؤال الذي جاء في حديث طلق بن علي:«الرجل يَمسّ عضوه، هل يتوضأ»، قال: سواءً مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي سواء مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي»، كأنه يُشِير أن الرجل حينما يَمَسّ أنفه، أو يمس أي عضو من أعضاء بدنه؛ لا يتصور وجود شهوة في هذا المس، كذلك إذا كان المَسّ لذاك العضو الذي هو عادةً مكان الشهوة، إذا كان المَسّ مَساًّ عادياً ليس مقرونا بالشهوة، فلا فرق مسسته أو مسست أي مكان من بدنك كالأنف مثلاً.
إذا كان هذا هو معنى الحديث الصحيح «من مس ذكره فليتوضأ» فأولى ثم أولى ثم أولى أن يكون المراد من الحديث الآخر الذي قلنا إنه شاذ «من مس ذكر غيره فليتوضأ» في بعض الأحاديث الثابتة بدل الذكر الفرج والفرج هنا أعم من الذكر لأنه يشمل الأنثى والذكر، حينئذٍ يمكننا أن نتصور أن رجلاً عبث بفرج امرأته، كما يمكننا أن نتصور أن زَوْجَةً عبثت بذكر زوجها، فإذا كان المقصود من