للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجماعة، أولاً: ليقوموا بواجب قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣] كما شرحنا ذلك في درس أو ومحاضرة مضت، {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣] أي: صَلُّوا مع المصلين في المساجد، فحرصاً من السلف، كانوا يفعلون ذلك، ويحضرون الصلاة في المساجد، ثم بعد ذلك لا تقام جماعة ثانية أبداً؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي سن للأمة هذه الجماعة، جعلها جماعة فريضة واحدة، فمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمنه، كسائر المساجد الأخرى التي كانت في بلده أو في غيرها من البلاد التي دخلها الإسلام، كان المسلمون يحافظون على وحدة الجماعة.

ومن الأدلة على ذلك: الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم آمر رجالاً فيحطبوا حطباً، ثم أُخَالف إلى أناس يَدَعون الصلاة مع الجماعة، فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها، أي صلاة العشاء» فهذا الحديث يدل على أنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الجماعة الأولى، من أين أخذنا هذه الدِّلَالة؟ من هَمِّه عليه السلام بحرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، وإلا لو كان هناك جماعة ثانية ومشروعة، لكان في ذلك عذرٌ واضحٌ لأولئك المتخلفين في بيوتهم، فكان بإمكانهم أن يعتذروا عن أنفسهم، وأن يقولوا: لو هَمَّ أو لو فعل الرسول ما هَمّ به من تحريق بيوتهم في بالنار، لقالوا: يا رسول الله، نحن نُصَلِّي مع الجماعة الثانية أو الثالثة أو ما أدري كم الرقم، يختلف هذا باختلاف البلاد والمساجد، وأنا شخصياً في دمشق شاهدت أكثر من مَرَّة، وفي المسجد الكبير -مسجد بني أمية- أذان المغرب يُؤَذَّن، وهناك جماعة في المسجد يصلون صلاة العصر، تَصَوَّروا كما جماعة أُقيمت من بعد الجماعة الأولى، علماً أن من مساوئ هذه المسجد الكبير، غير تكرار هذه الجماعة الطارئة، فهناك أربع محاريب وأربعة جماعات مُعْتَرف بها في وزارة الأوقاف، بل ولكل محراب إمامُه، هذا هو الإمام الحنفي في الوسط، يميناً الشافعي، يساراً الحنبلي، ثم المالكي .. هكذا، هذا بلا شك ليس مشروعاً، بل كراهيته أشد مما نحن نتحدث فيه؛ لأنها أئمة معترف فيها رسمياً من قِبَل الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>