والشافعية عكسوا ذلك؛ فلم يأخذوا به، وأجابوا عنه بما هو مخالف لقاعدتهم، فكان عليهم إما: أن يَدَعوها ليصحَّ جوابهم، أو: يظلوا متمسكين بها، ويأخذوا بالحديث، وهو الصواب. و:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}.
هذا، وأيد الجمهور مذهبهم هذا بالآية السابقة الذكر، وسبب نزولها - وقد ذكرناه آنفاً -، وقال ابن تيمية في «الفتاوى»«٢/ ١٤٢ - ١٤٣»: «إنه استفاض عن السلف أنها نزلت في القراءة في الصلاة، وذكر الإمام أحمد الإجماع على أنها نزلت في ذلك، وذكر الإجماع على أنه لا تجب القراءة على المأموم حال الجهر».
لفظ عام، فإما أن يختص في القراءة في الصلاة، أو في القراءة في غير الصلاة، أو يعمهما.
والثاني باطل قطعاً؛ لأنه لم يقل أحد من المسلمين، أنه يجبُ الاستماع خارج الصلاة، ولا يجب في الصلاة. ولأن استماع المستمع إلى قراءة الإمام الذي يأتم به، ويجب عليه متابعته؛ أولى من استماعه إلى قراءة من يقرأ خارج الصلاة، [وذلك] داخل في الآية: إِما على سبيل الخصوص، وإما على سبيل العموم. وعلى التقديرين؛ فالآية دالة على أمر المأموم بالإنصات لقراءة الإمام، والمنازع يسلم بذلك إلا في «الفَاتِحَة»، والآية أمرت بالإنصات إذا قرئ القرآن، و «الفَاتِحَة»: أم القرآن، وهي التي لا بد من قراءتها في كل صلاة، وهي أفضل سور القرآن، وهي التي لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها؛ فيمتنع أن يكون المراد بالآية الاستماع إلى غيرها دونها، مع إطلاق لفظ الآية وعمومها، مع أن قراءتها أكثر وأشهر.
والعادل عن استماعها إلى قراءتها، إنما يعدل لكون قراءتها أفضل من الاستماع، وهذا غلط مخالف للنص والإجماع؛ فإن الكتاب والسنة أمرت المؤتم بالاستماع دون القراءة، والأمة متفقة على أن استماعه لما زاد على «الفَاتِحَة» أفضل من قراءة ما زاد عليها. فلو كانت القراءة لما يقرؤه الإمام أفضل من الاستماع لقراءته؛ لكان قراءة