وحديث السكتتين هو من رواية الحسن البصري عن سمرة. وفي سماع الحسن منه خلاف؛ قال ابن القيم في «الزاد»«١/ ٧٤»: «ومن يحتج بالحسن عن سمرة؛ يحتج بهذا».
والراجح أنه سمع منه بعض الأحاديث. وقد قال الدارقطني - بعد أن ساق هذا الحديث «١٢٨» -:
«الحسن مختلف في سماعه من سمرة، وقد سمع منه حديثاً واحداً، وهو حديث العقيقة».
قلت: والحسن - على جلالته ومنزلته في العلم -: مشهور بالتدليس والإرسال؛ ولذلك فالقواعد الحديثية تقتضي أن لا يحتج بشيء من حديثه عن سمرة وغيره، إلا بما صرح فيه بالتحديث، وقد تأملت جميع طرق هذا الحديث - فيما لدي من كتب السنة المطهرة -؛ فلم أجده إلا معنعناً؛ غير مصرح بسماعه له من سمرة، وقد جهدت أن أجد له شاهداً - ولو بإسناد فيه ضعف -؛ فلم أجد. ولذلك فهو غير حجة عندي، وإن حسنه - الترمذي وغيره! ولذلك جرَّدت الكتاب منه، على أن الحديث قد اضطرب فيه في محل السكتة الثانية - كما أشار شيخ الإسلام إلى ذلك -، وإليك توضيح ذلك باختصار: اعلم أن الحديث رواه عن الحسن أربعة من الثقات؛ وهم: يونُس بن عُبيد، وقتادة، وأشعث الحُمْراني، وحُميد الطويل، وقد اتفقوا جميعاً على أن محلها بعد القراءة؛ قبل الركوع، إلا أن يونس وقتادة اختلف عليهما في ذلك؛ فقيل عنهما: إنها قبل الركوع.
وقيل: إنها بعد «الفَاتِحَة»؛ قبل السورة. ولا شك أن رواية أشعث وحميد التي لم يختلف عليهما فيها أصح وأولى؛ لا سيما وقد وافقهما الآخران في رواية على ذلك.
ومن شاء التفصيل؛ فعليه مراجعة رسالة «الصلاة» لابن القيم، و «تعليقاتنا الجياد» على كتابه «زاد المعاد».
ثم قال شيخ الإسلام:«ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان يسكت سكتةً تتسع لقراءة «الفَاتِحَة»؛ لكان هذا مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم ينقل هذا