عن أبي سلمة عن أبي هريرة موقوفا عليه، وسنده حسن أيضا (١). والذي دعاني إلى التنبيه على بطلان رفعه أنني رأيت ما نقله بعضهم في تعليقه على قول النووي في «الأذكار»«ص ٦٣»: «إنه يستحب للإمام في الصلاة الجهرية أن يسكت بعد التأمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأموم الفاتحة». فقال المعلق عليه وهو الشيخ محمد حسين أحمد:«قال الحافظ: دليل استحباب تطويل هذه السكتة حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أن للإمام سكتتين .... أخرجه البخاري في كتاب «القراءة خلف الإمام» وأخرجه فيه أيضا عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وعن عروة بن الزبير قال:«يا بني اقرؤوا إذا سكت الإمام، واسكتوا إذا جهر، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». فقوله:«حديث أبي سلمة .... » فيه إيهام كبير أنه حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن اللفظ من قوله - صلى الله عليه وسلم - كما هو المتبادر عند الإطلاق، وراجعني من أجل ذلك بعض الشافعية محتجا به! فبينت له أن الحديث ليس هو من كلامه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو مقطوع موقوف على أبي سلمة، حتى ولوكان مرفوعا لكان ضعيفا لأنه مرسل تابعي.
ثم قلت: ولوصح عنه - صلى الله عليه وسلم - لما كان حجة لكم بل هو عليكم، قال كيف؟ قلت: لأنه يقول: «فاغتنموا القراءة في السكتتين» وهما سكتة الافتتاح وسكتة بعد القراءة، وأنتم لا تقولون بقراءة الفاتحة أو بعضها في السكتة الأولى! نعم نقل ابن بطال عن الشافعي أن سبب سكوت الإمام السكتة الأولى ليقرأ المأموم فيها الفاتحة، لكن الحافظ تعقبه في «الفتح»«٢/ ١٨٢» بقوله: «وهذا النقل من أصله غير معروف عن الشافعي، ولا عن أصحابه، إلا أن الغزالي قال في «الإحياء»: إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهية تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام». وكذلك قول عروة المتقدم حجة على الشافعية، لأنه يأمر المؤتم بالسكوت إذا جهر الإمام. وهذا هو
(١) قلت: فيه دليل على أبي هريرة في «مسلم»: «اقرأ بها في نفسك يا فارسي» إنما يعني قراءتها في سكتات الإمام إن وجدت. وهذه فائدة هامة. فخذها شاكرا الله تعالى. [منه].