ومعنى صحيح لغيره، أي: ليس له سند صحيح لذاته، ولكن له أسانيد كثيرة، هذه الأسانيد الكثيرة أعطت للحديث قوة.
وبشيء من التفصيل، الحديث مروي بسند صحيح عن عبد الله بن شداد -وهو تابعي-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» هذا صحيح مرسل، يعني لم يذكر الصحابي.
لكن في بعض الروايات ذكر بعضهم عن عبد الله بن شداد عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... لكن هذا البعض فيه ضعف، فهو جاء موصولاً بسند ضعيف، وجاء مرسلاً بسند صحيح، ثم جاءت له طرق أخرى موصولة أيضاً، صحيح أنه فيها ضَعف، لكن هذه المجموعة من الأسانيد الضعيفة الموصولة تُعْطِي للإسناد المُرْسَل قوة، فيصبح الحديث صحيحاً لغيره، أي: صحيحاً بمجموع طرقه.
ولذلك فالحديث من جملة الأدلة التي تُسْقِط فرضية قراءة المقتدي وراء الإمام في الصلاة الجهرية؛ لأن «قراءة الإمام له قراءة».
والاستنباط الفقهي والعلمي يساعد على تصحيح معنى هذا الحديث، لأنه يقول:«فقراءة الإمام له قراءة».
معروف بالتجربة، أن المستمع للقرآن يتمكن من تدبره ومن الاستفادة من تلاوته، أكثر من التالي لنفسه بنفسه، ويدل على ذلك حديث البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوماً لعبد الله بن مسعود:«اقرأ عليّ قال: أأقرأ عليك القرآن وعليك أنزل؟ قال: اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري».
لأن الإنسان يتفرغ للاستماع وللتدبر أكثر مما لو تولَّى القراءة بنفسه، لأنه أقل ما يقال: إنه يهتم بأداء الآية، أولاً: على الوجه الصحيح، بمقتضى أصول التلاوة الشرعية، وعندها تفوت آية أو يخطئ في تلاوتها، بينما هذا المستمع مستريح من هذا الجانب، ومُوَجِّه جهدَه كله أن يتدبر ما يسمع من التلاوة، فإذا كان الإمام يجهر بالقراءة وأنت تسمع، فقراءته لك قراءة، بل أحسن من قراءتك أنت لنفسك.