حينئذٍ: لا يرد في الموضوع السابق لأنه هذا مستكبر، ونحن حينما نقول بهذه القاعدة نتصور الأئمة، نتصور الصحابة لأن الواقع الذي يعرفه كل دارس .. أنا لا أقول الخلاف الذي كان عليه الأئمة .. كل الخلاف لا أقول، لكن لا بد من أن أقول: إن بعض الخلافات التي كانت بين الأئمة هي من الخلافات المتوارثة والمنقولة عن السلف الأول ألا وهم الصحابة.
إذ الأمر كذلك: فنحن الآن نتصور إمامنا يومئذ عبد الله بن مسعود يُصَلِّي بالناس ولا يرفع يديه، لا نستطيع هنا أن نتصور أنه رجل جاهل، أنه رجل متعصب لمذهب؛ لأنه ما عنده متبع غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن هو هكذا مقتنع.
فحينئذ: نحن هذا الإمام رضيناه لنا إماماً وقدوة، وهذه وجهة نظره فنحن نتابعه، ولا ينقص من صلاتنا أيَّ شيء إطلاقاً، وهذا تماماً كما نقول بالنسبة لـ «لا تصوموا يوم السبت» يتوهم بعض الناس أننا إذا تركنا صيام يوم السبت بمصادفته ليوم عاشوراء، أو ليوم عرفة .. ، أو نحو ذلك أننا خسرنا قضية صوم أحد اليومين هذه إن صادف أحدهما يوم السبت! لا، نحن ما خسرنا، نحن ربحنا ربحين، الربح الأول: أنا أخضعنا قلوبنا ونفوسنا لقول نبينا: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة أن يمضغه» نحن إذاً: اتبعنا هذا الحديث، لأنه صيام يوم عرفة وصيام يوم عاشوراء ليس فرضاً، وإنما استثنى الرسول عليه السلام صيام الفرض إذا صادف يوم السبت جاز، ما سوى الفرض نُهينا عنه فانتهينا، تُرى حينما انتهينا خسرنا صوم يوم عرفة أو صوم يوم عاشوراء؟ نقول نحن لا، نحن ربحنا ربحين، الربح فيما يبدوا بادئ الرأي لا نستحقه، الربح الآخر واضح لأننا اتّبعنا الشرع ما صمنا لكن الربح الآخر مضمن في مثل قوله عليه السلام:«من ترك شيئاً لله، عَوّضه الله خيراً منه» فنحن تركنا صوم يوم عرفة لمطابقته يوم السبت ما خسرنا صيام يوم عرفة، لماذا؟ لأننا تركناه لله، فالله يعوضنا خيراً منه. كذلك يُقال من باب أولى عن صيام يوم عاشوراء.