النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان في وتر من الصلاة قام معتمدًا على يديه، فهنا فيه إشعار بجلسة الاستراحة، أما الحديث الأول ففيه التصريح، والشاهد منه: كيف يصح أن يقال في فعل فعله الرسول عليه السلام في الصلاة وشاهده منه أصحابه والأمر كما قال عليه السلام في حديث آخر في غير هذه المناسبة: «الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» ابن القيم أو غيره يعلل تعليل بعد سبعة قرون، أما أبو حميد الساعدي وأصحابه من الصحابة فهم يصفون ما رأوه بأم أعينهم فلو كان الرسول عليه السلام فعل ذلك للحاجة حينما بدن وأسن كما يقول بعض المتأخرين لم يخف ذلك على الصحابة المشاهدين لصلاته عليه السلام، لا سيما وأبو حميد الساعدي كأنه يتحدى أصحابه ليقول لهم: أنا أعرف بصلاة الرسول منكم، لكن مع ذلك صدقوه، قالوا له: صدقت هكذا كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فحينئذٍ من الوضوح بمكان أن الصحابة إذا نقلوا لنا صفة الصلاة وفيها جلسة الاستراحة ولو كان الرسول فعل ذلك للحاجة لسن كانوا فهموا ذلك أكثر من المتأخرين الذين لم يشهدوا صلاته عليه السلام، لذلك يؤكد الإمام النووي في كتابه العظيم: المجموع شرح المهذب أنه ينبغي الاعتناء بالمحافظة على هذه السنة لثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولئك الصحابة.
أما الشق الثاني من السؤال: فهو أن الإمام إذا كان لا يأتي بسنة جلسة الاستراحة فما يتأخر المقتدي عنه بل يتابعه؛ لأن متابعة الإمام واجب من واجبات الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام:«إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين» وهذا حديث عظيم جدًا في تأكيد متابعة المقتدي للإمام ولو كان أخل ببعض السنن؛ لأن المتابعة أوجب من السنن فإن هذا الحديث قد أسقط فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المقتدي ركن من أركان الصلاة ألا وهو القيام كما قال عز وجل في القرآن:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] وكما قال عليه السلام في صحيح البخاري