شافعي المذهب، والشافعية كلهم تبعًا لإمامهم أصابوا السنة حينما ذهبوا إلى شرعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، ولكنهم لا يرفعون، كما أن من السنة عندهم الجلوس جلسة الاستراحة؛ لا يستريحون، لماذا؟ لأنهم لا يهتمون بأداء السنن، من كان بهذه المثابة في تركه لسنن ليس اتباعًا لما يعتقد أنه صواب وإنما هملاً وكسلاً؛ فهنا لا يتابع؛ لأن الأصل في ذلك احترام رأيه أو احترام رأي إمامه الذي اتَّبعه واقتنع بأنه على صواب فيما يفعل، فمن كان يفعل شيئًا من الأمور يخالف رأي المقتدي، فلابد للمقتدي من متابعته إلا إذا كان الإمام يهمل فعل ذلك وليس عن اتباعٌ منه لإمامه.
وهذا بحثٌ يطول في الواقع ولكني أريد أن ألفت نظر بعض الناس الذين يستغربون متابعة الإمام وهم يعلمون أنه قد أخطأ، فمن منا لا يتابع الإمام إذا نسي التشهد الأوسط وقام إلى الركعة الثالثة؟ كل من كان خلفه يعتقد بأنه أخطأ حينما قام إلى الركعة الثالثة وترك التشهد، فتركه للتشهد إن كان عن قصدٍ؛ فهو إثمٌ، وهذا لا يتصور صدوره من إمام ولا وقع في ماضي الزمان ولا في حاله، أما إن كان عن خطأ أو سهو فلا بد من اتباعه، كما جاء النص في ذلك صريحًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فظهور هيئة الصلاة وراء هذا الإمام في مظهر واحد هذه في الحقيقة مما يجعل المسلمين يتقارب بعضهم إلى بعض، وتذهب عنهم العصبية المذهبية التي كانت يومًا ما سببًا لتعداد الأئمة في المسجد الواحد وتخلف المسلم عن اقتدائه بالإمام المسلم، لا لشيء سوى أنه مخالف له في المذهب، أقول أخيرًا ما أحسن ما روى الإمام أبي داوود في سننه، عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه لما صلى في عهد عثمان وراء عثمان في منى، صلى عثمان أربعًا، وكلهم يعلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع إنما صلى قصرًا ركعتين، لكن عثمان لأمر ما - ولسنا الآن في صدد بيان ذلك -؛ صلى أربعًا أتمَ، وقد أنكر ذلك عليه بعض الصحابة ومنهم عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، فعجب بعض أصحابه منه حيث رأوه يصلي أربعًا، فقيل له كيف ذلك؟ وأنت تذكر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين قصرًا، كان جوابه- وهذا بيت القصيد-: «الخلاف شرٌ»؛ أي مخالفة الإمام في صفة صلاته شرٌ، فعلى المقتدي أن يتنازل عن رأيه الشخصي حينما