للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركنا، وهو القيام، ألم يقل في آخر الحديث: «وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» معناه: اقعدوا معه ولا تقوموا أنتم وهو جالس؛ لما ذكره في أول الحديث: «إنما جعل المؤتم ليؤتم به» هذا نص الحديث، ومفهومه؛ لأن هذا الإمام الجالس معذور، فلكونه جلس معذوراً، ولم يجلس رغم استطاعته القيام، لو أنه جلس وهو مستطيع القيام لا يُتابع ولا كرامة، وإنما لأنه عادةً بخاصة لما يكون الإمام المفروض فيه -وقد لا يكون الأمر كذلك- أن يكون أعلم الحاضرين، أقرأ الحاضرين .. أتقى الحاضرين .. إلى آخره، فالمفروض فيه أنه لا يجلس إلا مضطراً، مكرهاً، لمرض .. لوجع .. إلى آخره.

إذاً: أيها الأصحاء المقتدون به، تابعوا هذا الإمام وصلوا بجلوسه، صلوا جلوساً أجمعين، هكذا قال عليه السلام.

نعود لموضوعنا الأساسي، قام الإمام إلى الركعة الخامسة، لا شك أنه في قيامه هذا معذور، إما أنه ساهي، وإما مخطئ .. أو أي شيء، أي: لا يفعل زيادة في الشرع، فحينئذ يجب على المقتدين به شيئان اثنان:

الشيء الأول: -لعلك ذكرته- أنهم قالوا له: سبحان الله، لكن هو إما ما سمع، أو سمع وما اقتنع .. إلى آخره، تم قائماً، عليهم أن يتابعوه؛ لأن الرسول يقول في رواية أخرى: «إنما جعل الإمام ليُؤْتَمَّ به، فلا تختلفوا عليه».

فالآن هنا الإمام قائم والناس جالسين، أو مثلما قلت أنت، ناس قاموا معه، وناس تخلَّفوا عنه، فهذا إمام يجب أن يُتَابع بحكم هذا الحديث أولاً، وبحكم أن الرسول عليه السلام وقع له نحو ذلك ثانياً، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات يوم بأصحابه الظهر خمساً» صلوا معه خمساً.

«ثم سلم عليه السلام، فقالوا له: يا رسول الله أزيد في الصلاة؟ قال: لا، قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتي السهو، وقال عليه السلام: إنما أنا بشر مثلكم

<<  <  ج: ص:  >  >>