للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذاً: هذا يقتضي على المقتدين شيئاً مهماً جداً، ألا وهو: أن يكون لبُّهم وقلبُهم وعقلُهم مع قراءة الإمام، لعله يمد حركتين، لعله يمد ستاً، لعله يمد أربعاً، فإذا ما انتهى الإمام من قراءة {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] وسمعتم إسكانه للنون، هنا يجب أن تتصوروا، إن لم يتيسر لكم أن تسمعوا، وكثيراً ما لا يتيسر لكم أن تسمعوا جَهْرَ الإمام بآمين، لسبب أو آخر، فقد يكون الإمام من متعصبة بعض المذاهب الذين يخالفون السنة في تركهم الجهر بآمين، ويرون أن السنة الإسرار بها فلا تسمعوا والحالة هذه جهر الإمام بآمين، وحينئذ فيكفيكم أن تنتبهوا للملاحظة السابقة، إذا سمعتم إسكان الإمام لآمين، -حينئذ- خذوا نَفَساً في أنفسكم بمقدار ما يقول هو سراً آمين، ثم قولوا أنتم معه آمين، هذا إذا كان لا يجهر، أما إذا كان يجهر فالعذر في المخالفة أبعد؛ لأننا في هذه الحالة أول ما نسمع «آم» من الإمام نحن نمشي معه على أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الأفضل أن ننتظر فراغ الإمام من قوله آمين، بمعنى: حسب التفصيل السابق كما قلنا لا نشرع بآمين حتى نسمع جزم الإمام لنون «ولا الضالين» على القول الثاني في تفسير فقولوا آمين، أي: ما نشرع نحن المقتدون بآمين إلا إذا سمعنا إسكان الإمام لنون آمين، لا شك إنه هذا القول أحوط في البعد عن الوقوع في مسابقة الإمام وفي تحقيق الأمر الذي رتبه عليه السلام على قول الإمام: «إذا أمن فأمنوا» هذا أحوط.

لكن الظاهر والأرجح أننا ما ينبغي أن نتأخر هذا التأخُّر كله، وإنما المهم ألاَّ نسبق الإمام بأن نبدأ بآمين قبل أن يبدأ كما هو الواقع اليوم، فإذا تَمَرَّنا على هذا عملياً -حينئذ- ساغ لنا أن ننقل هذه السنة تبليغاً للحديث وتعليماً عملياً على هذا النحو الذي سمعتموه الآن، «إذا أمَّن الإمام فأَمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تقدم من ذنبه».

وليس يخفاكم في اعتقادي أن مخالفة الأمر النبوي هو معصية، لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>