وإنما عليه أن يبتغي من وراء ذلك الأجر الأخروي، الذي جاء عنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول: ألم حرف، بل ألف حرف، لام حرف، ميم حرف».
مداخلة: ما حكم أخذ الأجر على الأذان؟
الشيخ: نفس الجواب السابق، الأذان عبادة، والإمامة عبادة، والخطبة عبادة، وتعليم الدين عبادة، كل هذه الأمور تدخل في كلامنا السابق:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف: ١١٠].
ولكن هنا شيء لا بد من بيانه: أخذ الأجر على العبادة شيء، وأخذ الراتب شيء آخر، وينبغي ألاَّ يختلط الأمر على طلاب العلم، الراتب يُرَتِّبه الحاكم المسلم، يجعله لمن يقوم ببعض الوظائف الدينية، وهذا الراتب هو كالجعالة، فعلى من رُتِّب له ذلك ألّا يأخذه أجراً على عبادته، وإنما يأخذه تعويضاً وراتباً من دولته له.
ولعلكم تعلمون جميعاً: أن أبا بكر الصِّدِّيق -رضي الله عنه- حينما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونصبوه خليفة للمسلمين، جعلوا له راتباً؛ لأن في اشتغاله بهذا المنصب العظيم صرفاً عن القيام بطلب الرزق بالوسائل التي كان هو يعتادها من قبل، هذا مع أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- هو أفضل الناس وأتقاهم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع ذلك ما مضى عليه إلا أيام قليلة حتى طلب منهم أن يزيدوه في راتبه؛ لأنه شعر بالتطبيق العملي، أن ما رُتِّب له لم يكفه فزادوه، فهذا الراتب ليس أجراً، فلا ينبغي لطالب العلم إذا كان إماماً أو كان مؤذناً، أن يأخذ ما يأخذ أولاً كأجر، فقد علمتم أن الأجر على العبادة معصية، ويؤزر ولا يؤجر.
وثانياً: أن يأخذه على أنه راتب من قِبَل الدولة، وللدولة لو كانت غنية أن ترتب راتباً ومعاشاً لكل فرد من أفراد المسلمين كبيرهم وصغيرهم، هذا ليس مقابل عبادة يقوم بها كل فرد، بل إن هذا من التيسير على عامة المسلمين، ولمساعدتهم على التفرغ لعبادة الله -تبارك وتعالى- وطاعته، كل في مجاله، ذاك المتعبد في عبادته، وذاك العالم