عن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صَلّى بالناس يوماً صلاة الفجر، وكبر، ثم أشار أليهم: أن مكانكم، ودخل الحُجْرَة، وجاء ورأسه يقطر ماء، فصلى بهم» فمعنى: «فصلى بهم»: أي أتم بهم الصلاة، وهم ظلوا قائمين، ولهذا نحن فَصَّلنا ذاك التفصيل الوارد في السؤال.
فلو كان قولك المذكور -آنفاً- صحيحاً، فهو عليه السلام دخل في الصلاة وهو يظن أنه على طهارة، لكنه لم يكن على طهارة، فعند أكثر العلماء تعتبر مثل هذه الصلاة باطلة من أصلها؛ لأنه لم يكن على طهارة، لكن هذا النص .. هذا الحديث يؤكد القاعدة العامة التي قَرَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الصحيح:«وُضِع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استُكرهوا عليه» هذه هي القاعدة في هذه الأمور الثلاثة.
طبعاً هذا لا ينافيه ما يقال إن لكل قاعدة شواذ، لماذا؟ لأن هناك بعض الأحكام، يؤاخذ عليها الإنسان ولو كان ناسياً .. ولو كان -مثلاً- جاهلاً:«وُضِعَ عن أمتي الخطأ» قد يؤاخذ بالخطأ أحياناً، والنسيان قد يؤاخذ أحياناً، لكن ما هي القاعدة؟ أن لا يؤاخذ، فإذا أردنا الخروج عن القاعدة فلا بد من نص.
هذه الحادثة هي مما يؤيد القاعدة: أنه رفعت المؤاخذة عن الناسي، فالنَّبي - صلى الله عليه وسلم - حينما دخل في صلاة الفجر وهو على غير طهارة؛ لأنه قال عليه السلام حينما سَلّم بهم:«إني كنت جنباً فَنَسِيت» ولذلك حينما أشار إليهم: أن مكانكم، رجع ورأسه يقطر ماءً أي: أنه اغتسل.
فقوله عليه السلام:«إني كنت جنباً فنسيت» أولا: تعليل لهذا الفعل الذي فعله.
ثانياً: بيان أن هذه القضية، أو هذا الجزء داخل في القاعدة، فلو قيل -وقد قيل فعلاً- بأن الرسول عليه السلام ما كان دخل في الصلاة.
وجوابنا: أن هؤلاء الذين ادَّعوا هذه الدعوى، احتجوا بحديث أبي هريرة في صحيح البخاري:«أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام يوماً في صلاة الفجر ليصلي، فتذكر أنه على جنابة، فقال لهم: مكانكم، ثم ذهب وجاء وقد اغتسل» فنحن نقول: هما روايتان