فنحن نقول: إنه من الثابت في السنة أن اختلاف النية، نية المقتدي عن نية الإمام لا تؤثر في صحة الصلاة، وصحة القدوة.
فهناك -مثلاً صلاة- معاذ بن جبل العشاء الآخرة وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صلاته إياها بقومه، وكما جاء في صحيح البخاري:«أنها تكون له نافلة ولمن وراءه فريضة».
كما أن هناك بعض الأحاديث الصحيحة التي جاءت في كيفية من كيفيات صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الخوف.
فمن ذلك: أنه كان يصلي ركعتين بالطائفة الأولى ثم يسلم بهم، فينطلق هؤلاء إلى مصافّ الطائفة الأخرى، لتأتي وتصلي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - الركعتين، فتكون -بطبيعة الحال- الركعتان الأوليان بالنسبة للرسول -عليه السلام- هي الفريضة، والركعتان الأخريان بالجماعة الأخرى إنما هي نافلة.
وهكذا: ربما توجد أمثلة أخرى لا أستحضرها الآن.
كذلك: لابد أن نذكر هنا حادثة ذلك الأعرابي، الذي كان يعمل بالنواضح في أثناء النهار، ويأتي مساءً ليصلي خلف معاذ -رضي الله عنه-، فلما اقتدى به ذات يوم صلاة العشاء الآخرة، وسمعه قد ابتدأ سورة البقرة، فظن أو أُلقي في نفسه أن هذه القراءة ستكون طويلة وطويلة جداً بالنسبة إليه، ولذلك قطع الصلاة من خلف معاذ وصلى لوحده.
فإذا نظرنا إلى هذه النصوص -حينئذ- نستطيع أن نقول: بأن صلاة هذا المسافر، أو ذاك المقيم الذي اقتدى بالإمام، وهو يصلي صلاة العشاء، ويتوهَّمه كلٌ منهما أنه إنما يصلي صلاة المغرب، فيتبين له أنه إنما كان يصلي صلاة العشاء، فهو في هذه الحالة، إذا أدرك الإمام في أول ركعة، فحينما ينهض الإمام إلى الركعة الرابعة كل منهما ينوي الانفصال، ويقطع القدوة بالإمام ليجلس في التشهد الأخير على رأس الثلاث -بالنسبة إليه- فيسلم، ثم ينهض ويقتدي بالإمام ما أدرك من صلاة