للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة كما في الحديث المشهور: «صلوا كما رأيتموني أصلي». رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في «الإرواء» أَيْضًا «١/ ٢٢٧ / ٢١٣». فعموم هذا الحديث يوجب علينا العمل بما في حديث أبي هريرة الذي قبله، كما هو ظاهر. ويؤيده التالي: الثاني: أنه ثبت العمل به من بعض السلف والأئمة؛ فروى ابن أبي شيبة «١/ ٢٥٣»، والدارقطني «١/ ٣٤٥ / ٥»، ومن طريقه البيهقي «٢/ ٩٦» بالسند الصحيح عن محمد بن سيرين قال: ... فذكر مثل حديث الترجمة بتمامه. وقد علقه الترمذي في «سننه» «٢/ ٥٦» عن ابن سيرين وغيره، وقال: «وبه يقول الشافعي وإسحاق». وروى عبد الرزاق «٢/ ١٦٧ / ٢٩١٥»، ومن طريقه البيهقي بسند رجاله ثقات عن سعيد بن أبي سعيد: أنه سمع أبا هريرة وهو إمام الناس في الصلاة يقول: «سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد». يرفع بذلك صوته وتابعه مَعًا.

ثم روى عبد الرزاق «٢٩١٩» عن عطاء نحوه. ثم قال البيهقي: «وروي عن أبي بردة بن أبي موسى أنه كان يقول خلف الإمام: «سمع الله لمن حمده». وقال عطاء: يجمعهما أحب إِلَيَّ، وروي فيه حديثان ضعيفان قد خرجتهما في الخلاف». قلت: أظن أنه يعني هذا وحديث بريدة الآتي بعده. وقد أشار الحافظ إلى ضعفهما في «الفتح» «٢/ ٢٨٤»؛ فإنه قال بعد أن ذكر عن الشافعي مثل ما تقدم عن الترمذي: «لكن لم يصح في ذلك شيء. ولم يثبت عن ابن المنذر أنه قال: إن الشافعي انفرد بذلك؛ لأنه قد نقل في «الإشراف» عن عطاء وابن سيرين وغيرهما القول بالجمع بينهما للمأموم». الثالث: أننا إذا نظرنا إلى سنته - صلى الله عليه وسلم - الفعلية في هذا الركن، وهو الرفع من الركوع، على ضَوْء حديث أبي هريرة المتقدم - وما في معناه -؛ لوجدنا أن محل «التسميع» إنما هو في أثناء الاعتدال من الركوع، وأن محل التحميد إذا استتم قَائِمًا، فإذا قيل: إنه لا يشرع للمؤتم أن يقول «التسميع»؛ لزم منه مخالفتان اثنتان لا بد منهما: الأولى: تعطيل أحد المحلّين من ورده. والأخرى: إحلال «التحميد» محل «التسميع»! وهو مما يقع فيه جماهير المصلين، كما هو مُشَاهَد؛ فإنهم يقولون: «ربنا ولك الحمد» في أثناء رفعهم من الركوع، ويبقى قيامهم بعده عَطَّلَا عن ورده! وهذا خلاف نظام الصلاة؛ فإنه ليس فيها مكان شاغر من الذكر، كالجلوس بين

<<  <  ج: ص:  >  >>