فهنا إذا سلم الإمام التسليمة الأولى لغةً فيقال: سلم الإمام أم لا؟ أظنكم وأنتم العرب ستوافقونني وأنا أعجمي على أن المعنى إذا سلم الإمام التسليمة الأولى أنه سلم الإمام، فحينئذ لماذا لا نقول: إنما جعل الإمام ليؤتم به، وعلى قياس ما سبق من ذكر الرسول لبعض أفراد الصلاة ... «إذا كبر فكبروا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده .. » إلى آخره، لماذا لا نقول: إذا سلم الإمام فسلموا؟ لا سيما أن هناك سنة معروفة عند أهل السنة مجهولًة عند غالب المتمذهبين ببعض المذاهب، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقتصر أحيانًا على تسليمة واحدة.
فلو أنا أممتكم مثلًا وأردت أن أحيي معكم هذه السنة، فقلت السلام عليكم وسكت تنتظرون ماذا؟ تنتظرون التسليمة الثانية، أين الدليل على هذا؟ «إذا سلم الإمام فسلموا» هذا الانتظار إنما يصح أن يتبنى وأن يقال فيما لو كان من رأينا أن كلًا من التسليمتين هو شرط أو ركن من أركان الصلاة بمعنى قول الرسول عليه السلام: «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم» التسليم هنا هل نفسره بالتسليمتين أم نفسره بالتسليمة الأولى؟ لا شك أن التفسير الثاني هو الصواب على ضوء ما ذكرنا من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقتصر أحيانًا على التسليمة الواحدة، فما دام أن التسليمة الثانية ليست شرطًا وإنما هي سنة مكملة، إنما الشرط إنما هو التسليمة الأولى، فإذا سلم الإمام التسليمة الأولى هل حل بذلك خروج المصلي من الصلاة؟ الجواب: نعم، إذًا: تحليلها التسليم، أي: التسليم الأول، فإذا قال الإمام إذًا: السلام عليكم، فنحن نتابعه ولا نتخلف عنه، فإن انضم إلى ذلك أنه أتى بالتسليمة الثانية كما هو عمل عامة الأئمة نتابعه أيضًا في ذلك، لكننا إذا تبنينا أن التسليم من المقتدي يكون بعد أن يسلم الإمام التسليمة الثانية فربما بالإضافة إلى المخالفة لما ذكرنا ربما وقفنا هكذا ننتظر تسليمة الإمام التسليمة الثانية وسوف لا يفعل.
لهذا وذاك نقول نحن: إذا سلم التسليمة الأولى فسلموا، وإن سلم - أقول: إن - التسليمة الثانية فسلموا، وإن لم يسلم فانتظروا إنا معكم من المنتظرين! لا، هذا ما عندي والحمد لله رب العالمين.