أما إذا كان بإمكانه أن يتخذ سترة من قريب، ولو سلك إليها بخطوات فلا بأس من ذلك، فهذا البحث كُلّه استنباط واجتهاد يقبل المناقشة، ويقبل المخالفة.
لكن الذي نراه هكذا بإيجاز: إذا كانت السترة بعيدة عنه، تتطلب منه مَشْياً كثيراً، فيصلي حيث هو، وإذا كان بإمكانه أن يتخذ سترة قريبة منه، فيمشي إليها بخطوات.
والفارق بين هذا وذاك، أي: بين هذا الذي نراه من الخطوات، وتلك التي نراها من الخطوات الكثيرة هو: أنه إذا واحد يمشي قيل: هذا لا يُصَلِّي، فإذا كانت خطوات كثيرة، يكون حكمه أنه لا ينبغي أن يفعل، وإذا كانت خطوات قليلة فليفعل ذلك في سبيل تحقيق تلك المصلحة، وهي دفع المفسدة التي قد يتعرض لها هذا المصلي، هذا جوابي عن هذا السؤال.
مداخلة: فهل تبطل الصلوات، خطوات كثيرة إذا مشى خطوات كثيرة؟
الشيخ: أنا قلت آنفاً: الخطوات الكثيرة، لماذا نحن أوصينا بتجنبها؟ لأنه عمل كثير، وقد اختلف العلماء اختلافاً كثيراً في العمل الذي يُبْطِل الصلاة، فمن قائل: بأنه ثلاث حركات تبطل الصلاة، ومن قائل: بأن ذلك لا يمكن تحديده بحركات، وإنما التحديد بنوعية العمل، فإذا كان العمل الذي يأتي به المصلي يَشْغَل الرائي والناظر إليه؛ لأنه ليس في صلاة، فهذا العمل هو الذي يبطل الصلاة، وما دون ذلك فلا.
أذكر أن بعضهم ضرب -مثلاً- طريفاً، وجميلاً ونادر الوقوع بالنسبة للمصلين، لكن المقصود فيه: تجلية مسألة العمل الكثير، قال: لو رئي أحد وهو يصلي ويخيط زر أو فتق في ثوب أو ما شابه ذلك، فالذي يراه ماذا يقول، فيه هو في صلاة؟ ما يقول في صلاة.