فأكثرهم يمنع منه على خلاف طويل بينهم تراه في مبسوطات الكتب الفقهية و «المحلى»، وذهب غيرهم إلى الجواز وهو الذي نختاره، وحجتنا في ذلك أن الأصل الإباحة فمن منع واشترط السلامة من الخرق أو وضع له حدا فهو مردود لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» متفق عليه.
وأيضا فقد صح عن الثوري أنه قال:«امسح عليهما ما تعلقت به رجلك وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة».
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»«٧٥٣» ومن طريقه البيهقي «١/ ٢٨٣».
وقال ابن حزم «٢/ ١٠٠»: «فإن كان في الخفين أو فيما لبس على الرجلين خرق صغير أو كبير طولا أو عرضا فظهر منه شيء من القدم أقل القدم أو أكثرها أو كلاهما فكل ذلك سواء والمسح على كل ذلك جائز ما دام يتعلق بالرجلين منهما شيء وهو قول سفيان الثوري وداود وأبي ثور وإسحاق بن راهويه ويزيد بن هارون».
ثم حكى أقوال العلماء المانعين منه على ما بينها من اختلاف وتعارض ثم رد عليها وبين أنها مما لا دليل عليها سوى الرأي وختم ذلك بقوله:«لكن الحق في ذلك ما جاءت به السنة المبينة للقرآن من أن حكم القدمين اللتين ليس عليهما شيء ملبوس يمسح عليه أن يغسلا وحكمهما إذا كان عليهما شيء ملبوس أن يمسح على ذلك الشيء، بهذا جاءت السنة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّا} وقد علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أمر بالمسح على الخفين وما يلبس في الرجلين ومسح على الجوربين - أن من الخفاف والجوارب وغير ذلك مما يلبس على الرجلين المخرق خرقا فاحشا أو غير فاحش وغير المخرق والأحمر والأسود والأبيض والجديد والبالي فما خص عليه السلام بعض ذلك دون بعض ولو كان حكم ذلك في الدين يختلف لما أغفله الله تعالى أن يوحى به ولا أهمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفترض عليه البيان حاشا له من ذلك، فصح أن حكم ذلك المسح على كل حال والمسح لا يقتضي الاستيعاب في اللغة التي بها خوطبنا».