في الكلام ما يشير بفساد صلاته حتى يفتيه - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يعيدها، بل قوله «زادك الله حرصا» يشعر بأجزائها، أو «لا تعد» من «العدو».
قلت: لو صح هذا اللفظ لكانت دلالة الحديث حينئذ خاصة في النهي عن الإسراع ولما دخل فيه الركوع خارج الصف، ولم يوجد بالتالي أي تعارض بينه وبين حديث ابن الزبير، ولكن الظاهر أن هذا اللفظ لم يثبت، فقد وقع في «صحيح البخاري «وغيره باللفظ المشهور: «لا تعد».
قال الحافظ في «الفتح»«٢/ ٢١٤»: «ضبطناه في جميع الروايات بفتح أوله وضم العين من العود». ثم ذكر هذا اللفظ، ولكنه رجح ما في البخاري فراجعه إن شئت. ويتلخص مما تقدم أن هذا النهي لا يشمل الاعتداد بالركعة ولا الركوع دون الصف وإنما هو خاص بالإسراع لمنافاته للسكينة والوقار كما تقدم التصريح بذلك من حديث أبي هريرة، وبهذا فسره الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:«قوله: لا تعد. يشبه قوله: لا تأتوا الصلاة تسعون».
ذكره البيهقي في «سننه»«٢/ ٩٠». فإن قيل: قد ورد ما يؤيد شمول الحديث للإسراع ويخالف حديث ابن الزبير صراحة وهو حديث أبي هريرة مرفوعا. «إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف». قلنا: لكنه حديث معلول بعلة خفية، وليس هذا مكان بيانها، فراجع «سلسلة الأحاديث الضعيفة»«رقم ٩٨١». ثم إن الحديث ترجم له ابن خزيمة بقوله:«باب الرخصة في ركوع المأموم قبل اتصاله بالصف، ودبيبه راكعًا حتى يتصل بالصف في ركوعه».
[ثم قال الإمام في الملحق]: ثمَّ وجدتُ ما يؤيدُ هذه الترجمةَ من قولِ راوي الحديث نفسه؛ أَبي بكرة الثقفيّ رضى الله عنه، كما يؤكّدُ أَنّ النهي فيه:«لا تعد» لا يعني الركوع دون الصفِّ، والمشي إِليه، ولا يشملُ الاعتدادَ بالركعةِ؛ فقد روى علي بن حجر في «حديثه»«١/ ١٧/١»: حدّثنا إِسماعيلُ بن جعفر المدني: حدثنا حميدٌ،