للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعلونه فإنهم يجلسون حتى إذا أذن المؤذن قاموا للركوع (١) فإن قال قائل: هذا وقت يجوز فيه الركوع فقد روى البخاري عن عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة» قالها ثلاثا وقال في الثالثة: «لمن شاء» فالجواب أن السلف رضوان الله عليهم أفقه بالحال وأعرف بالمقال فما يسعنا إلا أتباعهم فيما فعلوه». قلت: وهذا الجواب غير كاف ولا شاف لأنه أوهم التسليم بأن الحديث يدل على مشروعية قصد الصلاة بين أذان عثمان والأذان النبوي وليس كذلك. فلا بد من توضيح ذلك فأقول: إن الحديث لا يدل على ذلك البتة لأن معنى قوله فيه: «أذانين» أي أذان وإقامة قال الحافظ: وقد جرى الشراح على أن هذا من باب التغليب كقولهم «القمرين» للشمس والقمر ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان لأنها إعلان بحضور فعل الصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت.

قلت: وسواء كان هذا أو ذاك فالمراد بالأذان الثاني فيه الإقامة قولا واحدا فإذا كان الأمر كذلك فلا يصلح لما ذهب إليه القائل المذكور. ثم إننا فرضنا أن الحديث على ظاهره وإنه يشمل أذان عثمان مع أنه لم يكن في عهده - صلى الله عليه وسلم - اتفاقا - لما دل إلا على استحباب صلاة مطلقة غير مقيدة بعدد وليس البحث في ذلك وإنما هو في كونها سنة راتبة مؤكدة وفي كونها أربع ركعات فهذا مما لا يقوم بصحته دليل لا هذا الحديث ولا غيره كما تقدم بيانه مفصلا.

ويؤيد ما ذكرته أن أحدا من العلماء لم يستدل بالحديث المذكور على سنية صلاة معينة بركعات محدودة بين الأذانين وخاصة أذان المغرب وإقامته بل غاية ما قالوا أنه يدل على الندب فقط وعلى صلاة مطلقة غير محدودة الركعات فليكن الأمر كذلك هنا على الفرض الذي ذكرنا وهذا ظاهر لمن أنصف ولكن الحق أن الحديث لا يدل على مشروعية التنفل إطلاقا بين أذاني الجمعة كما سبق بيانه في أول البحث فهو المعتمد. هذا وأما قول السائل في هذه الفقرة: «وهل تصلى السنة عقب دخول


(١) يعني الصلاة قلت وهذا بخلاف ما هم اليوم عليه حيث إنهم ينكرون على الجالس زاعمين أنه تارك للسنة والسنة معه وعليهم. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>