للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس قال: لجمعة جمعت بـ «جوثاء»، قرية من قرى البحرين، وفي رواية: قرية من قرى عبد القيس». وترجم له البخاري وأبو داود بـ «باب الجمعة في القرى». قال الحافظ: «ووجه الدلالة منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي، ولأنه لوكان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن، كما استدل جابر وأبو سعيد على جواز العزل بأنهم فعلوه والقرآن ينزل، فلم ينهو اعنه». قلت: وفي هذه الآثار السلفية عن عمر ومالك وأحمد من الاهتمام العظيم اللائق بهذه الشعيرة الإسلامية الخالدة: صلاة الجمعة حيث أمروا بأدائها والمحافظة عليها حتى في القرى وما دونها من أماكن التجمع، وهذا - دون أثر علي - هو الذي يتفق مع عمومات النصوص الشرعية وإطلاقها، وبالغ التحذير من تركها وهي معروفة، وحسبي الآن أن أذكر بآية من القرآن: «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع»، وصلاة الظهر بعدها ينافي تمامها: «فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله».

ولما سافرت في رمضان سنة ١٣٩٦ إلى بريطانيا سرني جدا أنني رأيت المسلمين في لندن يقيمون صلاة الجمعة والعيد أيضا، وبعضهم يصلون الجمعة في بيوت اشتروها أو استأجروها وجعلوها «مصليات» يصلون فيها الصلوات الخمس والجمعات، فقلت في نفسي: لقد أحسن هؤلاء بالمحافظة على هذه العبادة العظيمة هنا في بلاد الكفر، ولو تعصبوا لمذهبهم وجلهم من الحنفية - لعطلوها وصلوها ظهرا، فازددت يقينا بأنه لا سبيل إلى نشر الإسلام والمحافظة عليه إلا بالاستسلام لنصوص الكتاب والسنة، واتباع السلف الصالح، المستلزم الخروج عن الجمود المذهبي إلى فسيح دائرة الإسلام، الذي بنصوصه التي لا تبلى يصلح لكل زمان ومكان، وليس بالتعصب المذهبي، والله ولي التوفيق.

السلسلة الضعيفة (٢/ ٣١٧ - ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>