الشيخ: طبعاً يجوز؛ لأن الشروط التي جاء ذكرها في كثير من كتب الفقه قديماً وحديثاً هي أحسن أحوالها أنها قيلت باجتهادات بعض الأئمة، والاجتهاد مُعَرَّض للصواب وللخطأ، ومن أجل مثل هذه الأحكام التي صدرت من أصحابها اجتهاداً وليس اعتماداً على نص، قال علماء الفقه: الأحكام تتغير بتغيُّر الزمان والمكان.
أما الأحكام التي يُنَصّ عليها في الكتاب أو في السنة، فهذه لا يجوز أن تتغير أو أن تتبدل مهما تغيرت الأزمان والأماكن.
ونحن لا نجد في كتاب الله، بل ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي بيان للقرآن الكريم كما هو معلوم، لا نجد شرطاً لصحة صلاة الجمعة إلا الجماعة، وكلنا يقرأ ويسمع قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩] .. إلى آخر الآية.
فهذه الدار أو هذه الفيلا كما قلت استؤجرت أو اشتُريت؛ لأني رأيت أنا فعلاً في بريطانيا، كثير من الدور استؤجرت لصلاة الجمعة والجماعة، بل رأيت في بعضها كنيسة ضخمة اشتراها المسلمون وحَوَّلوها مسجداً، فما دام أن هذه الدار أو هذه الفيلا يُؤَذَّن لها لصلاة الجمعة أو الجماعة، فعلى كل مسلم أن يستجيب لمنادي الله تبارك وتعالى، وأن يحضر صلاة الجمعة، وهنا ينكشف لي أهمية الفقه القائم على الكتاب والسنة، ومَزِيّته على الفقه التقليدي المذهبي الجامد، فقد رأيت في بريطانيا جاليات إسلامية مختلفة، باكستانيين وهنود وعرب وأتراك، كلهم ذهبوا إلى تلك البلاد مع الأسف لكسب القوت، لكن مع ذلك فهم حريصون على أن يتمسكوا بدينهم، فاشتروا الدور وحولوها إلى مُصَلّيات وإلى مساجد، في المسجد الحنفي أو في المسجد الذي يصلي فيه الأحناف لا تصح الصلاة فيه إلا بإذن الحاكم المسلم، وين الحاكم المسلم في بريطانيا؟ لا يوجد حاكم مسلم.
لكن هؤلاء المسلمون شعروا بضرورة اجتماعهم على الصلاة وفي بلاد الكفر يحكمها الكفار، قلنا: سبحان الله، هذه آية من آيات الله أن يشعر المسلمون بأن