ويجب أن نتذكر بهذه المناسبة: أن إيذاء المسلم فضلاً عن إيذاء المسلمين أي الكثيرين منهم، لا يجوز حتى في بعض الطاعات، لا يجوز إيذاء المسلم بالطاعة.
مثال ذلك: قوله عليه السلام حينما كان عليه السلام في حُجْرَته، وهي كما تعلمون قُرْب مسجده، فسمع أصواتاً في المسجد مرتفعة بتلاوة القرآن، فقال عليه الصلاة والسلام:«يا أيها الناس كُلُّكم يناجي ربَّه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين».
أي: لا يجوز الجهر برفع الصوت بالذكر لما فيه من إيذاءٍ لبعض المصلين، وهذا إيذاءٌ يقع في أكثر المساجد اليوم وبخاصة المساجد التي يكون أهلها تبعاً لإمامها من أبعد الناس عن معرفة السنة، ففي هذه المساجد يقع إيذاء كبير جداً برفع الصوت بعد سلام الإمام بالاستغفار أو بالتهليلات العشر بعد صلاة الفجر مثلاً وبعد صلاة المغرب، حيث يرفعون أصواتهم بالتهليل عشر مرات، هذا التهليل عشر مرات دُبُرَ صلاة المغرب وصلاة الفجر من السنة، وعليها فضيلة عظيمة جداً ولكن بالخفض والخفت والسر وليس بالجهر؛ لأن في الجهر إيذاء لبعض المصلين كيف ذاك؟
كثير ما يتفق أن بعض المصلين يكونوا هم المسبوقين بركعة أو بأكثر حسب الصلاة، وحينما يرفع الناس الذين سَلَّموا مع الإمام أصواتَهم بالذكر، فبذلك يَحْصُل التشويش للذي قام ليأتي بما فاته من الصلاة، بل ويُمْكِن أن يكون الإيذاء أكثر من ذلك، لأن من سَلَّم مع الإمام فهو له وِرْدٌ يريد أن يأتي به بينه وبين ربه، لا يريد أن يُشَوِّش على غيره، فيأتي بالأوراد والأذكار سراً، وأولئك يرفعون أصواتهم بالذكر فَيُشَوِّشون عليهم فيقع الإيذاء من مثل هذا الإنسان، والرسول عليه السلام قد قال - كما سمعتم آنفاً -: «لا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين».
ومن هذا الحديث الذي فيه النهي الصريح عن إيذاء المؤمنين ولو برفع الصوت بالذكر؛ لأن هذا الرفع بالصوت بالذكر هو أحسن أحواله أن يكون في بعض