هو الشأن في الحج، فكل واحد يُكَبِّر لنفسه، فإذا التقى صوتان أو أكثر من ذلك ومشوا مع بعض فلا بأس من ذلك، ولكن لا ينبغي أن يَتَقَصَّدوا أن يُكَبِّروا الله عز وجل جماعةً بصوت واحد.
ثم يستمر المُنْطَلِق إلى المُصَلَّى في تكبيره حتى يجلس فيه، فإذا جلس فَيَظَلّ هناك يُكَبِّر حتى يأتي الإمام.
والإمام حينما يدخل المصلى ويفتتح خطبته فليس يُسَنّ له في خطبته شيء يختص بخطبة العيد، خلافاً لما جرى عليه كثير من الخطباء، حيث يفتتحون خطبتهم بالتكبير.
فإنّ افتتاح خطبة العيد بالتكبير ليس له أصل في السنة مطلقاً، وكل ما جاء في الموضوع إنما هو ما روى ابن ماجه في «سننه»: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُكَبِّر في تضاعيف خُطْبَة العيد» أي: في أثناء الخطبة، يُدْخِل في خطبته التكبير، وهذا لا يعني بداهةً أنه كان يفتتح خطبته بالتكبير.
ومع ذلك: فهذا الحديث الذي نقلتُه لكم آنفاً من «سنن ابن ماجه» إسناده ضعيف لا تقوم به الحجة.
وإذا تَبَيَّنت هذه الحقيقة: فالذي يُشْرَع لخطيب العيد هو الذي يُشْرَع لخطيب الجمعة ولكل خطيب، وهو أن يفتتح خُطبته بما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح خُطَبَه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .. » إلى آخر الخطبة المعروفة، والتي أحياها والحمد لله كثير من إخواننا أهل السنة، حيث يفتتحون خطبة الجمعة بهذه الافتتاحية، هي نفسها التي تُشْرَع في صلاة العيد لا شيء سواها.
والخطبة التي يلقيها الخطيب يوم العيد ينبغي أن يُرَاعي فيها مقتضيات المجتمع الذي يعيش فيه، فينصح ويُذَكِّر فليس لخطبة العيد نظاماً مُعَيَّناً على الخطيب أن يلتزمه، فما قيل:«أهل مكة أدرى بشعابها» فهو عليه أن يُلاحظ ما أهل تلك المنطقة بحاجة أن يُذَكِّروا به أو أن يُعَلَّموا.