للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الدليل هو حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه الذي أخرجه الإمام مالك في موطئه وأبي داود في سننه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان نازلاً في غزوة تبوك لما أذن لصلاة الظهر فخرج فصلى الظهر وصلى العصر ثم دخل، فلما أذن لصلاة المغرب خرج فصلى المغرب وصلى العشاء» وهذا دليل صريح في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الصلاتين وهو نازل غير جاد في سيره.

وما جاء من حديث ابن عمر في الصحيحين رضي الله عنهما: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جد به السير جمع» فهذا ليس كما لو قال: كان لا يجمع إلا إذا جد به السير، فهو يثبت جمعاً فعله الرسول عليه السلام ولا ينفي في هذا الخبر ما أثبته غيره، ولذلك فالمسافر يجوز له الجمع سواء كان سائراً أو كان نازلاً ما دام أنه لا يزال في حكم المسافر، فكما أنه يجوز القصر والقصر أهم من الجمع، فقد ذكرنا لكم آنفاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في المدينة كما قال ابن عباس بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بغير سفر ولا مطر، قالوا: ماذا أراد بذلك يا أبا العباس؟ قال: أراد ألا يحرج أمته، فالمسافر أولى بمثل هذا الجمع ولو كان نازلاً.

أضف إلى ذلك ما اتفق عليه علماء المسلمين قاطبةً حتى الذين يقولون: بأنه لا يجوز الجمع في السفر ولو كان جاداً في سيره كالحنفية فقد وافقوا الجمهور في جواز الجمع في عرفات وفي المزدلفة وهذا جمع وهو نازل، فإذا قد ثبت نحوه في حديث معاذ بن جبل فتلك رخصة من الله تبارك وتعالى وقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» وفي الرواية الأخرى: «كما يكره أن تؤتى معصيته».

(رحلة النور: ٢١ ب/٠٠: ٠٨: ٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>