وإذا عرفنا هذه المسألة نخلص من مشاكل التردد، أنه متى يصير الإنسان يصلي صلاة الإقامة، ومتى يستمر يصلي صلاة المسافر، الجواب، الجواب يؤخذ من قوله تعالى في القرآن الكريم، وهذا من التعابير القرآنية الدقيقة والجميلة، وتفتح لنا باب فقه هذه المسألة، قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤]، ونحن نعلم جميعاً أن الإفطار في رمضان من أعذاره السفر، فهذا المسافر الذي خرج مسافراً من بلده إلى بلد آخر وقلنا ما قلناه آنفاً بأنه يظل يقصر أو يظل يصلي صلاة المقيم على التفصيل الذي ذكرناه آنفاً، فكذلك إذا كان مسافراً وأراد أن يفطر في رمضان فله ذلك بنص الآية القرآنية، لكن هذه الآية تعطينا مبدأ فهم المسألة ولو هي متعلقة بالصيام، لكن الصيام مع الصلاة سلباً وإيجاباً، إن قصرت أفطرت، وإن أتممت صمت، فهنا يقول الله:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ}[البقرة: ١٨٤] لاحظوا الآن كلمة: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} الشخص الذي جاء إلى البلد، وكان يتردد أنه يسافر اليوم والَّا بكرة والَّا بعد بكرة، لأنه ما يدري متى تنتهي حاجاته، هذا يصدق عليه تماماً أنه على سفر، أما من جاء واستقر به الأمر وهو له مصالح، وهو ناوي العودة، لكن نوى الإقامة ريثما تنتهي مصالحه، وهو ليس كالأول يتردد بين يسافر اليوم أو بكرة أو أو إلى آخره، هذا لغة لا نستطيع أن نقول عنه إنه على سفر، بخلاف الأول فهو على سفر.
إذاً من صدق عليه أنه على سفر، وهو الذي يقصر ويجمع ويفطر رمضان إن شاء.
أقول: في الإفطار إن شاء؛ لأن الإفطار في رمضان بالنسبة للمسافر يختلف عن القصر، ويلتقي مع الجمع، الجمع بالنسبة للمسافر رخصة، كذلك الإفطار في رمضان بالنسبة للمسافر رخصة، أما القصر فعزيمة، لابد من ذلك؛ فلهذا جمعنا بين الرخصتين بالنسبة لمن كان على سفر، أما من لم يكن على سفر وليس له أي رخصة من الرخصتين، فبالأَوْلى أنه ليس له القصر؛ لأن القصر عزيمة في السفر، والإتمام فريضة في السفر، هذا جواب ما سألت.