للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع بين الصلاتين على الوصف المذكور في حديث ابن عباس إلا إذا وجد الحرج، أما المسافر فلا عليه وجد الحرج أم لا فإنه رخصة أو رخص له أن يجمع دون أن يشترط في حقه الحرج الذي اشترط في حق المقيم.

على هذا الوجه يجب تفسير حديث ابن عباس وليس كما يفهمه البعض أن الجمع بالنسبة للمقيم هو كالجمع بالنسبة للمسافر، يعني: يجمع متى شاء، هذا لا يجوز؛ لأن الأدلة القاطعة بوجوب المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها وأنه لا يجوز أن يقدمها أو أن يؤخرها إلا فيما جاء الاستثناء، أيضًا هذا من باب إعمال النص العام في حدود عمومه إلا ما استثني فله حكمه.

بقي من السؤال وهو: وكيف يجمع؟ لعل السائل يعني بهذا الطرف من السؤال: كيف يجمع؟ الذي يبدو لي هل يجمع المسافر وهو مجد ومنطلق فهو يجمع في مسيره، أما إذا نزل منزلًا وأقام فيه وحضرته الصلاة الأولى والثانية وربما أكثر من ذلك فلا يجمع؛ لأنه نازل كما يذهب إلى ذلك ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الزاد، الجواب: هذا تفصيل لا دليل عليه يلزم المسلم المسافر بألا يجمع بين الصلاتين إلا إذا كان مسافرًا، أما إذا كان نازلًا فلا يجمع، هذا مما لا دليل عليه.

وحديث ابن عمر الذي يحتج به ابن قيم الجوزية أنه كان إذا جد به السير جمع، هذا لا ينفي أنه إذا كان نازلًا أن يجمع، وإنما حديث ابن عمر يتحدث عن حالة من أحوال الرسول عليه السلام التي هو اطلع عليها، وهي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع إذا جد به السير، لكن هذا دليل صالح لما قلنا آنفًا: أن المفهوم يحتج به إلا إذا خالفه منطوق، فالآن: لنعمل هذه القاعدة على حديث ابن عمر هذا، حديث ابن عمر منطوق صريح، مفهومه: أنه إذا كان غير جاد في السفر ومنطلق فكان لا يجمع، هذا المفهوم كان ينبغي أن يؤخذ به كما فعل ابن القيم وغيره لولا أنه قد جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي أخرج مالك في الموطأ وغيره في غيره: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان نازلًا في سفره إلى تبوك، أو في رجوعه من تبوك - فالشك مني- فحضرت صلاة الظهر، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: من خيمته وأمر بالأذان فأذن، وبالصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>