وبخاصه أنه خالف هديه المطرد وكان إذا سافر يقصر كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لما خرج من المدينة إلى حجة الوداع قال لم يزل يقصر حتى رجع إلى المدينة»، هكذا كان هديه عليه الصلاة والسلام فلو قيل بجواز التربيع وجواز القصر، أيهما يكون أفضل، إذا قلنا بجواز الأمرين، آلذي يقتصر على نصف العبادة أم الذي يأتي بتمامها، لاشك ولا ريب أنه على هذه الفرضية أن الصلاة الرباعية تكون أفضل من الصلاة الثنائية بحكم اشتراكهما أولاً في الجواز ثم بحكم زيادة ركعتين على الركعتين وفيها قراءة وقيام وركوع وسجود وذكر لله رب العالمين، ترى هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - زاهداً في العبادة لا يكثر فيها كما هو شأننا نحن أم كان يقوم الليل حتى تفطرت قدماه وقيل له عليه السلام قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر كأنهم يقولون إرفق بنفسك يا رسول الله وأشفق عليها فقد حصلت مرادك من ربك وهي «إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر» فماذا كان يكون جوابه عليه الصلاة والسلام: «أفلا أكون عبداً شكورا» إذا كان فعله عليه السلام فيما لم يفرضه عليه، فإذا كان المفروض عليه خمس صلوات في كل يوم وليلة وكان الأفضل إتمام دون القصر فكيف يحافظ الرسول عليه السلام الذي هو سيد المجتهدين في العبادة على ركعتين ولا يزيد عليهما هذا يؤكد أن الواجب هو الركعتان لأنه لو كان يجوز الزيادة لكانت الزيادة حين ذاك ليس فقط جائزة بل هي أيضاً
مستحبة فإعراض الرسول عليه السلام طيلة حياته في أسفاره وحده دليل كاف لنقول بأن الزيادة في الصلاة في السفر على الركعتين هي زيادة غير مقبول.
من أجل ذلك روى الإمام النسائي في سننه عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً وموقوفاً أن من أتم في السفر صلاته كالذي يقصر في الحضر، لكن قد ترجح عند علماء الحديث أن هذا الحديث موقوف على عبد الرحمن بن عوف ولا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن ألا يكفينا هذا استشهاداً أن أحد العشرة المبشرين بالجنة يقول بأن الذي يتم في السفر شأنه من حيث المعصية كالذي يقصر في الحضر، كلاهما لا يجوز ولذلك فنحن نقطع بأن القصر في السفر عزيمة لا يجوز للمسلم أن يتم لأن النبي