حدثنا وهب بن جرير: حدثنا شعبة، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تصلي في السفر أربعاً. فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي! إنه لا يشق علي. وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح» «٢/ ٥٧١»، وأشار في أعلى الصحيفة المذكورة إلى بطلان حديث الترجمة، وهو واضح جداً لما ذكرته آنفاً، بخلاف هذا؛ فإنه يتعلق برأي لها، والعبرة بروايتها وليس برأيها. وقد صح عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في السفر ركعتين في غير ما حديث، كما صح عنها قولها:«فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر»، ومعناه في «الصحيحين»، وهو مخرج في «صحيح أبي داود»«١٠٨٢». وقد أنكر هذه الحقائق كلها ذاك السقاف المقلد الغماري فيما أسماه بـ «صحيح صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ...
«وكان الأحرى به أن يسميه بـ» صحيح صلاة الشافعي «بل «الشافعية» لكثرة اعتماده عليهم، ولو فعل لما صدق، ولبيان ذلك مجال آخر، والغرض هنا أنه صرح «ص ٢٧٥» أن قصر الصلاة في السفر رخصة جائزة، لا واجبة ولا مستحبة! واستدل بهذا الحديث الباطل؛ بل قال:«سنده حسن» وهذا مما لا يقوله إلا جاهل لم يشم رائحة هذا العلم، أو مقلد مكابر متجاهل، كما أنه استدل بآية القصر المذكورة في حديث عمر، فلم يعرج عليه ولا دندن حوله، ولم يقبل صدقة الله المذكورة فيه، وأخشى ما أخشاه أن يكون ضعيفاً عنده لمخالفته لقوله المذكور، كما ضعف شيخه الغماري حديث «الصحيحين» عن عائشة الذي أشرت إليه آنفاً لتصريحه بفرضية القصر، وقد أشرت إلى ذلك في «تمام المنة»«٣١٩»، ورددت عليه مفصلاً في المجلد السادس من «الصحيحة»«٢٨١٤»، وهو تحت الطبع، وسيكون بين يدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى.