وحده كاف لإسقاط الاحتجاج بهذا العدد فكيف إذا اقترن به مخالفته لمن هو أحفظ منه كما في الوجه الأول؟ ويؤيده الوجه الآتي:
الثالث: أن محمد بن يوسف هو ابن أخت السائب بن يزيد - كما سبق آنفا - فهو لقرابته للسائب أعرف بروايته من غيره وأحفظ، فما رواه من العدد أولى مما رواه مخالفه ابن خصيفة، ويؤيده أنه موافق لما روته عائشة في حديثها المتقدم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة، وحمل فعل عمر رضي الله عنه على موافقة سنته - صلى الله عليه وسلم - خير وأولى من حمله على مخالفتها وهذا بَيِّن لا يخفى إن شاء الله تعالى.
ومثل هذه الرواية في الضعف ما ذكره ابن عبد البر قال:
وروى الحارث بن عبد الرحمن ابن أبي ذباب عن السائب بن يزيد قال: كان القيام على عهد عمر بثلاث وعشرين ركعة.
قلت: وهذا سند ضعيف لأن ابن أبي ذباب هذا فيه ضعف من قبل حفظه قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»«١/ ٢ / ٨٠»: «قال أبي: يروي عنه الدراوردي أحاديث منكرة، وليس بذلك القوي يكتب حديث. وقال أبو زرعة: لا بأس به»
قلت: ولذلك كان مالك لا يعتمد عليه كما في «التهذيب» للحافظ ابن حجر وقال في «التقريب»: «صدوق يهم».
قلت: فمثله لا يحتج بروايته لما يخشى من وهمه لا سيما عند مخالفته للثقة الثبت ألا وهو محمد بن يوسف ابن أخت السائب فإنه قال: «إحدى عشرة ركعة» كما سبق. على أننا لا ندري إذا كان السند بذلك إليه صحيحا فليس كتاب ابن عبد البر في متناول يدنا لنرجع إليه فننظر في سائر سنده إن كان ساقه. ومثل هذه الرواية في الضعف رواية يزيد بن رومان قال:«كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة» رواه مالك وعنه الفريابي وكذا البيهقي في السنن. وفيه ضعفه بقوله: يزيد بن رومان لم يدرك عمر.