للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا، وقال الطبراني: «لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد». وقال البيهقي: «تفرد به أبو شيبة وهو ضعيف». قلت: وكذا قال الهيثمي في «المجمع» «٣/ ١٧٢» أن أبا شيبة ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» «٤/ ٢٠٥» بعد ما عزاه لابن أبي شيبة: «إسناده ضعيف». وكذلك ضعفه الحافظ الزيلعي «في نصب الراية» «٢/ ١٥٣» من قبل إسناده، ثم أنكره من جهة متنه فقال: «ثم هو مخالف للحديث الصحيح عن عائشة قالت: «ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» رواه الشيخان». وكذلك قال الحافظ ابن حجر وزاد: «هذا مع كون عائشة أعلم بحال النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلا من غيرها». قلت: ووافقها جابر بن عبد الله رضي الله عنه فذكر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أحيا بالناس ليلة في رمضان صلى ثمان ركعات، وأوتر». رواه ابن نصر في «قيام الليل» «ص ٩٠، ١١٤» والطبراني في «المعجم الصغير» «ص ١٠٨» وابن حبان في صحيحه «رقم ٩٢٠ - موارد». وقد أفسد حديث جابر هذا بعض الضعفاء فرواه محمد بن حميد الرازي حدثنا عمر بن هارون بإسناده عن جابر بلفظ: «فصلى أربعا وعشرين ركعة وأوتر بثلاث». وأخرجه السهمي في «تاريخ جرجان» «٧٥ و ٢٧٦».

قلت: ومع أن إسناده إلى محمد بن حميد لا يصح، لأن فيه من لا يعرف حاله، فإن محمد بن حميد وشيخه عمر بن هارون متهمان بالكذب فلا يعتد بروايتهما بله مخالفتهما! وبالجملة فقد اتفقت كلمات أئمة الحديث على تضعيف حديث أبي شيبة هذا، بل عده الحافظ الذهبي في ترجمته من «الميزان» من مناكيره. وقال الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي في «الفتاوى الكبرى» إنه شديد الضعف. وأنا أرى أنه حديث موضوع، وذلك لأمور: الأول: مخالفته لحديث عائشة وجابر. الثاني: أن أبا شيبة أشد ضعفا مما يفهم من عبارة البيهقي السابقة وغيره، فقد قال ابن معين فيه: «ليس بثقة». وقال الجوزجاني: «ساقط». وكذبه شعبة في قصة، وقال البخاري: «سكتوا عنه». وقد بينا فيما سبق أن من قال فيه البخاري «سكتوا عنه» فهو في أدنى المنازل وأردئها عنده، كما قال الحافظ ابن كثير في «اختصار علوم الحديث» «ص ١١٨». الثالث: أن فيه أن صلاته - صلى الله عليه وسلم - في رمضان كانت في غير جماعة، وهذا مخالف لحديث جابر أيضا، ولحديث عائشة الآخر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>