ذلك هي من النوع الذي لا يقوي بعضه بعضا وأنه لو صح شيء منها فإنما كان ذلك لعلة وقد زالت لأنه لم يبق في الأئمة من يطيل في القراءة تلك التي كان عليها السلف حتى يعدلوا عنها إلى تقصير القراءة وتكثير الركعات بدل التطويل وأنه لا إجماع على العشرين وأن الذي صح عن عمر رضي الله عنه بأصح إسناد مطابق لسنته - صلى الله عليه وسلم - التي روتها عائشة في حديثها المذكور في الكتاب فقد روى مالك في «الموطأ» عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: «أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال: وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر». وأثبت فيه أن التزامه - صلى الله عليه وسلم - بإحدى عشرة ركعة طيلة حياته المباركة دليل قاطع على أن الصلاة في الليل ليس نفلا مطلقا كما يدعي الكثيرون وأنه لا فرق بين صلاة الليل من حيث إثبات كونها صلاة مقيدة وبين السنن الرواتب وصلاة الكسوف ونحوها فإن هذه إنما ثبت كونها صلاة مقيدة بملازمته - صلى الله عليه وسلم - لها وليس بنهيه عن الزيادة عليها وأن التمسك بالأحاديث المطلقة أو العامة في الحض على الإكثار من الصلاة لا يجوز الزيادة على العدد الذي لم يجر عليه عمله - صلى الله عليه وسلم - كما حققته في «صلاة التراويح» في بحث هام دعمته ببعض النقول عن بعض الأئمة الفحول مؤداها أنه لا يجوز التمسك بالمطلقات التي جاءت مقيدة بعمله - صلى الله عليه وسلم - وقلت هناك:«وما مثل من يفعل ذلك إلا كمن يصلي صلاة يخالف بها صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ...
كما وكيفا محتجا بتلك المطلقات كمن يصلي مثلا سنة الظهر خمسا وسنة الفجر أربعا وكمن يصلى بركوعين وسجدات وفساد هذا لا يخفى على عاقل» ونقلت قبل هذا الكلام عن الفقيه الهيتمى أنه لا يجوز الزيادة والنقص في الوتر وسنة الظهر فراجع هذا وما لخصته لك في الكتاب المذكور فإنه مهم جدا.
وبهذه المناسبة أقول:
لقد ألف الشيخ إسماعيل الأنصاري رسالة في الرد على الكتاب المشار إليه لم يكن فيها مع الأسف عند حسن الظن به إنصافا وعلما فإنه مع تكلفه في الرد واحتجاجه بما يعلم هو أنه غير ثابت ومكابرته في رد الأدلة الكثيرة التي احتججت