للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون قيامه قريباً من ركوعه، وليس هذا فقط فإذا سجد يكون سجوده قريباً من قيامه الثاني، فإذا جلس بين السجدتين رافعاً رأسه من السجدة الأولى كان جلوسه قريباً من سجوده .. ، وهكذا كانت السجدة الثانية قريباً من جلسته بين السجدتين، من يستطيع هذا؟

إذا كان أصحاب الرسول عليه السلام ما استطاعوا صلاته، فمن نحن؟ لقد قام في هذه الصلاة صلى خلفه عليه السلام حذيفة بن اليمان، استيقظ ليلةً فرأى الرسول يُصَلِّي في المسجد وحده، فاقتدى به فافتتح سورة البقرة فأُسقط في يده، هكذا نفسية حذيفة فيما يسوق لنا حديثه مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطمأن نفسَه بأن الرسول عليه السلام مهما أطال شو راح يطيل، راح يركع في رأس المائة آية، هكذا حَدَّث نفسه قال: فمضى، ما ركع فمضى، إذاً في المائتين الثانية .. فمضى، خَلَّص البقرةَ كُلَّها، استسلم للواقع الرجل، ولم يَعُد يقول الآن يركع والآن يركع، سَلَّم أمره لله عز وجل، قرأ بعد البقرة كما سمعتم آل عمران ثم المائدة هكذا كان، ثم رجع إلى النساء.

هكذا الصحابي الذي هو صاحب سِرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بن اليمان، والصحابي الجليل الآخر عبد الله بن مسعود، صلى مرة ليلة أخرى خلفه عليه السلام قال: فأطال وأطال، حتى هممت بأمر سوء، قالوا له: بماذا هممت؟ قال: هممت أن أَدَعه قائماً وأجلس وأستريح.

فالمقصود: لا يستطيع إنسان أبداً أن يفعل فعل الرسول، وأن يتعبد عبادة الرسول، ولكن كما قلت آنفاً:

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم، فالآن نقف هنا وقفة قصيرة لعلها، هل يكون التَشَبُّه بالرسول تَزَيُّد عليه، سواء كان في الكم أو في الكيف؟ أما في الكيف فمستحيل، أما في الكم فهذا واقع ..

<<  <  ج: ص:  >  >>