أظن بقي من السؤال الذي كان ذو شعب ثلاث، بقي شعبة أخيرة، وهي الاحتجاج بعموم قوله عليه السلام.
حيث جاء أن بعضهم يحتج أن السيدة عائشة تحدثت عن فعله، لكن ما تَحَدَّثت عن قوله يعنون بقوله عليه السلام بحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، كما جاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، فليُوتر بركعة تُوتر له ما قد صلى».
هذه حُجَّة ظاهرها قوة، وباطنها منتهى الضعف؛ ذلك: والحقيقة هذه قاعدة مهمة جداً، أرجو من إخواننا الحاضرين، وبخاصة من كان منهم من طُلَّاب العلم أن يَعُوها وأن يحفظوها جيداً؛ لأنها سَتُسَاعدهم على فهم كثير من المسائل الفقهية، التي قد يختلف فيها العلماء حديثاً وربما قديماً، وقد يحتج بها أهل البدعة لتسليك بدعهم.
فأقول: حقيقةً هذا نَصٌ عام «صلاة الليل مثنى مثنى» ما قال عشر ركعات والركعة الأخيرة هي الوتر فقط، إنما قال: مثنى مثنى، فنحن نقول، وهنا أيضاً الدِّقة في الموضوع فأرجو الانتباه: كُلُّ نص عام يدخل تحته جزئيات كثيرة وكثيرة جداً، ونعلم أن جزءاً من هذا النص العام لم يَجْرِ عليه عمل الرسول عليه السلام، فالعمل بهذا الجزء مع دخوله في النص العام، يكون بدعة.
المسألة فيها دِقَّة، ولكن لعل بعض الأمثلة تُوَضِّحها.
قبل هذه الأمثلة نقول: أصل كل بدعة على وجه الأرض هو التمسك بالعمومات التي لم يَجْرِ العمل بعمومها في العهد الأول.
خذوا مثلاً الأذان .. الأذان في كثير من البلاد الإسلامية له مُقَدِّمة وله مؤخرة.
عندنا في الشام يُسَمُّوا المقدمة بالتذكير، ويقلبوا الذال إلى دال ويقولوا التدكير، المؤخرة هو الصلاة على الرسول عليه السلام، وفي هذه الصلاة زيادات من أبطل الباطل كمناداتهم بقولهم: يا أول خلق الله، هذا كله معمول في سوريا وربما في مصر، ولعل هذا قد نسخ والحمد لله هناك.