للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوساطها، الذين يُصَلُّون العشر، وينصرفون مع الإمام المنصرف، هم خير من الذين يُصلون ثمانية، ولا أدري لماذا هؤلاء يُصَلون ثمانية، لأن المفروض أن هؤلاء الذين ينصرفون ينصرفون لرأي: أن التراويح ما هو عشرين ركعة، لكن لماذا لا يُصَلُّون العشر ثم يُوترون بركعة؟ ما أدري ما وجهة نظرهم في هذا، فالأصح من هذه الصور الثلاثة هو لا شك الوسطى كما ذكرت آنفاً.

أما اعتراض بعض أهل العلم أنه ما انصرفوا حتى ينصرف الإمام، والجواب بأنه انصرف الإمام، فهذا في الحقيقة السؤال أو الجواب كالسؤال كلاهما شكلي، لماذا؟ لأنهم هم يقصدون الإمام الذي يُتِم الصلاة، أي: العشرين، فجوابكم بأنه انصرف مع الإمام لا يقنعهم بطبيعة الحال، لأنه ليس هذا هو الإمام الذي هم يرضونه ويترضون عنه، لا، وفي علمي أنه هذه الصور التي عرفتها في المدينة ليست في الحرم المكي يمكن، والله أعلم.

ولذلك قرأت عن بعض العلماء هناك في السعودية بأنهم ينقمون أشد النقمة على الذين يُصَلُّون عشر ركعات ثم ينصرفون، ويوردون عليهم الحديث الذي أشرت إليه آنفاً بأنهم ما انصرفوا مع الإمام مع انصراف الإمام.

فجوابي الآن سواء بالنسبة للمدينة أو مكة: نحن بالنسبة لوجهة نظرنا، نفهم أن الرسول عليه السلام كان يعني بالإمام إماماً بوصف معين، ولا شك أن هذا الوصف هو الوصف الذي يُصَلّي صلاة الرسول عليه السلام.

فإذا كان الواقع أن إماماً ما لا يُصَلِّي صلاته عليه السلام وانصرف، فهذا لا يكون مخالفاً، لماذا؟

لأننا نجد في السنة ما هو أصعب أو أخطر من هذه الظاهرة، التي يُنْكِرها أولئك العلماء، الذين يُنْكِرون على الذين ينصرفون بعد صلاتهم العشر ركعات.

فمعلوم أنه وقع في زمن الرسول عليه السلام أن معاذاً كان إذا صَلَّى العشاء الآخرة وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وذهب إلى قومه فصلى بهم إماماً، وهي كما قال جابر: «هي له نافلة وهي لهم فريضة». فمتى؟ فذات ليلة دخل رجل من الأنصار، واقتدى

<<  <  ج: ص:  >  >>