أما أنا جوابي عن هذه الرواية: أن هذه الرواية لا تُمَثِّل منهج السلف بعامة، هي تمثل رأي أم المؤمنين أولاً السيدة عائشة، وهي التي لا يجب عليها أن تخرج إلى المسجد وتصلي مع جماعة المسلمين الفرائض، فضلاً عن صلاة القيام الذي هو من النوافل.
ثم ليس فقط لا يجب ذلك عليها، بل يُستحب بها أن تصلي في عقر دارها.
فإذاً: هذه كما قلت أولاً: لا تُمثل الوعي السلفي في هذه القضية كسلف جامع للرجال .. للعلماء .. لطلاب العلم إلى آخره.
وثانياً: هذه قضية خاصة بأم المؤمنين وغلامها العبد.
فلو قال قائل: إن مثل هذه الصورة تجوز؟ نقول: تجوز اتِّباعاً لأم المؤمنين.
أما أن تُجعل سنة عامة لأئمة المساجد الذين يَؤُمون الرجال في المساجد، هذا خلاف ما كان عليه السلف.
رجعنا إلى أننا نحن سلفيون، فإذا جاءت جزئية كهذه الجزئية، تخالف المنهج العام، فإما أن نخرجها من القاعدة مطلقاً، أو نستثنيها ونعطيها صورة مُعَيّنة ولا تخالف القاعدة.
فالقاعدة: أن أئمة المساجد يؤمون الناس من حفظهم ومن ذاكرتهم، هذه تشبه تلك القضية، مع أنه لم يَرِد عن أحد من السلف الأُوَل أنه استعمل تعويذة من القرآن، هذا لم يرد عن الصحابة، هذا ورد عن السيدة عائشة، لكن هذه قضية خاصة، ثم أنا أقول: نعم، ثم أَزيد فأقول: إن فتح باب تجويز قراءة أئمة المساجد من المصحف في قيام رمضان، يُعَطِّل شريعةً ثابتةً عن النبي عليه الصلاة والسلام، ألا وهي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «تعاهدوا هذا القرآن وتَغَنَّوا به، فوالذي نفس محمد بيده إنه أشد تَفَلُّتاً من صدور الرجال من عقلها».
تعاهدوا هذا القرآن معناه: اعتنوا بحفظه ودراسته؛ لأنه إن لم يُدْرَس ضاع وذهب.
فإذا قيل لأئمة المساجد: لا توجد ضرورة أن تحفظ القرآن .. افتح المصحف