للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن لا بد هنا من شيء من التفصيل: إذا كان هذا الإمام أولاً يرجو صلاحهم بمسايرتهم بهذا الدعاء.

وثانياً: ليس يرجو صلاحهم بهذا الدعاء، أو بهذه السياسة أو بهذه المداراة فقط، وإنما هو أيضاً يُؤَسّس ليمشوا معه على السنة، بإلقائه مواعظ ودروس كثيرة؛ حتى تتبين لهم السنة، فإذا تبينت لهم ومضى على ذلك شهور أو سنين حسبما يغلب على رأيه، ثم وجد نفسه أن هؤلاء الذين هم في سياسته هو انساس معهم وهم ما انساسوا معه، انقلبت القضية، صار هو يمشي حسب رغباتهم، وهم لا يمشون حسب رغباته.

حينئذٍ ينبغي أن يَدَع هذه الإمامة، ما دام أنها لم تُثْمِر الثَمَرة المَرْجُوّة، ينبغي وأنا مذكر لكم والذكرى تنفع المؤمنين، ما هو معنى إمام؟ ... معنى إمام؟ كلكم تعلمون إمام يعني قدوة، فإذا كان الإمام صار مقتدياً، والمقتدون صاروا أئمة، إذاً: معنى ذلك أن الأمر انقلب.

ففي هذه الحالة بعد هذا البيان الذي قلته، إن كان لم يستفد من تلك السياسة التي أشرنا إليها، وكما يقولون عندنا في سورية: رجع بِخُفَي حُنين، تيتي تيتي مثلما رحتي أجيتي، ما هي الفائدة من هذه الإمامة؟ ما استفاد هو منهم شيئاً، أي: بهدايتهم، ولا هم ما استفادوا منه شيئاً، أي: باهتدائهم به.

حينئذٍ أرى ألَّا يُسَايسهم، وأن يُعْلن السنة، وماذا راح يصير بعدين؟ هذا الإمام لا نريده، وذلك ما ينبغي أن ينتهي إليه، إلا السياسة الشرعية. نعم.

مداخلة: جزاك الله خيراً، [وهل المأموم يتابع الإمام الذي يقنت في الفجر]؟

الشيخ: أي نعم. ما دام رضيه .. هذه عكس تلك تماماً، ما دام هو رضيه بنفسه إماماً، فعليه أن يتابعه ولو رآه مخطئاً؛ لعموم قوله عليه السلام: «إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه». نعم.

(الهدى والنور /٧٣١/ ١٢: ٤١: ٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>