الشيخ: وأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، فهذه صلاة تَمَيَّزت على كل الصلوات المعهودة، فماذا يضر بعد ثبوت الحديث بذلك عن الرسول عليه الصلاة والسلام، على رغم مخالفة الحنفية لهذه الكيفية، فما يضر هذا النقد إطلاقاً.
يجب على كل حديثي يتوجه إلى نقد الأحاديث أن يكون نقده إياها من حيث إسنادها لا من حيث متونها.
ولكن إذا لم يثبت الحديث، حديث ما من حيث إسناده، حينئذٍ يتوجه الناقد إن كان عنده منطق إلى نقد المتن أيضاً؛ فيصبح الحديث ضعيفاً سنداً منكراً متناً.
وإياك أن تغتر أنت أو غيرك بما جاء في «مقدمة ابن الصلاح» وغيرها من كتب المصطلح، أنه قد يكون إسناد الحديث صحيحاً ومتنه غير صحيح.
إياك ثم إياك؛ لأن هذا الكلام على إطلاقه ليس صحيحاً في واقعه، ولابد من ترقيعه بتأويله حتى يستقيم الكلام، وذلك بأن يعني إسناده صحيح بغض النظر عن بعض شروط السند الصحيح التي منها أن لا يُشَذّ ولا يُعَلّ، فقد يكون الإسناد قال فيه فلان إسناده صحيح، وهو معذور لأنه لم تتبين له العلة.
الشيخ: فالعلة تُقَسَّم إلى قسمين: عِلَّة جَلِيّة وعِلّة خفية، والعلة الثانية هي التي تخفى على كثير من العلماء فضلاً عن غيرهم، فإذا قال قائلهم: قد يكون إسناد الحديث صحيحاً فهو بهذا التأويل.
أما إسناد صحيح سالم من أي علة، ويكون المتن منكراً ضعيفاً، هذا لا وجود له في الدنيا، إذا عرفت هذه الحقيقة، فينبغي -كما قلت آنفاً- أن يتوجه الناقد إلى الحديث لنقد الإسناد، فإذا سلم السند سلم المتن، وإلا فَتَحْنَا طريقاً
على أناس يدعون أن الإسلام ليس سوى القرآن فقط، لأنهم وجدوا أحاديث كثيرة غير صحيحة، وبخاصة حينما فتحوا باب النقد من المتون الذي يسميه بعض المعاصرين المُقَلِّدين للكفار المستشرقين «بالنقد الداخلي» يسمون نقد المتن بالنقد الداخلي.