وهل يلحق به السؤال عن غيرها من المتاع ولو ذهب في المسجد؟ قيل: يلحق للعلة وهي قوله: «فإن المساجد لم تبن لهذا» وإن من ذهب عليه متاع فيه أو في غيره قعد في باب المسجد يسأل الخارجين والداخلين له واختلف أيضا في تعليم الصبيان القرآن في المسجد وكأن المانع يمنعه لما فيه من رفع الأصوات المنهي عنه في حديث واثلة: «جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم ورفع أصواتكم» أخرجه عبد الرزاق والطبراني في «الكبير» وابن ماجه».
قلت: لكن هذا الحديث إسناده ضعيف كما سبق بيانه في الفقرة الأولى من الآداب وفي «صحيح البخاري» ما يعارضه وهو حديث كعب بن مالك:
أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته فخرج إليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كشف سجف حجرته ونادى:«يا كعب بن مالك يا كعب». قال: لبيك يا رسول الله فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك قال كعب: قد فعلت يا رسول الله. قال رسول الله:«قم فاقضه».
فهذا الحديث بظاهره يدل على جواز رفع الصوت في المسجد لغرض دنيوي لأنه عليه الصلاة والسلام ما أنكر على المتخاصمين رفع أصواتهما لكن قد روى البخاري قبله عن عمر ما يخالفه: عن السائب بن يزيد قال: «كنت قائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين فجئته بهما قال: من أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله؟ ».
وترجم لهما البخاري بـ:
«باب رفع الصوت في المساجد». قال الحافظ:
«أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك فقد كرهه مالك مطلقا سواء كان في العلم أم في غيره وفرق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني أو نفع دنيوي وبين ما لا فائدة فيه