والثاني: أن يستأذن أزواجهن وعليهم الإذن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تمنعوا نساءكم المساجد [بالليل] إذا استأذنكم إليها [ولكن ليخرجن تفلات][وبيوتهن خير لهن]». [صحيح].
وفي الحديث دليل على جواز حضور النساء المساجد للصلاة بالشروط المذكورة ومع ذلك فصلاتهن في بيوتهن خير لهن كما قال عليه الصلاة والسلام في الزيادة الأخيرة وفي معناها أحاديث أخرى لعلها تأتي إن شاء الله تعالى في «صلاة الجماعة».
وفي «الفتح»: «قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث عام في النساء إلا أن الفقهاء خصوه بشروط: منها أن لا تتطيب وهو في بعض الروايات: «وليخرجن تفلات». قلت: هو بفتح المثناة وكسر الفاء أي: غير متطيبات ويقال: امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح. قال: ويلحق بالطيب ما في معناه لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال. وفرق كثير من الفقهاء المالكية وغيرهم بين الشابة وغيرها، وفيه نظر، لأنها إذا عريت مما ذكر وكانت مستترة حصل الأمن عليها ولا سيما إذا كان ذلك بالليل، وقد ورد في بعض طرق الحديث وغيره ما يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد».
قلت: فذكر الزيادة الأخيرة وما في معناها مما أشرنا إليه ثم قال:
«ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل تحقق الأمن فيه من الفتنة، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة ومن ثم قالت عائشة ما قالت، وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقا، وفيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم لأنها علقت على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته فقالت: لو رأى لمنع. فيقال عليه: لم ير ولم يمنع. فاستمر الحكم حتى إن عائشة لم تصرح بالمنع وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع، وأيضا فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن فما