للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة».

أخرجه مسلم.

قال الحافظ:

«واستدل بهذا الحديث «يعني: حديث أبي قتادة» على جواز إدخال الصبيان المساجد، وفيه نظر لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفا في بيت يقرب من المسجد بحيث يسمع بكاؤه».

قلت: هذا الاحتمال بعيد لا سيما وفي حديث أنس الأول: «يسمع بكاء الصبي مع أمه» فإن ظاهره - بل هو نص على - أن الصبي كان يكون مع أمه في المسجد. فبطل الاحتمال المذكور.

وفي هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان المساجد ولو كانوا صغارا يتعثرون في سيرهم حتى ولو كان من المحتمل الصياح لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر ذلك ولم ينكره بل شرع للأئمة تخفيف القراءة لصياح صبي خشية أن يشق على أهله.

ولعل من الحكمة في ذلك تعويدهم على الطاعة وحضور الجماعة منذ نعومة أظفارهم فإن لتلك المشاهد التي يرونها في المساجد وما يسمعونه - من الذكر وقراءة القرآن والتكبير والتحميد والتسبيح - أثرا قويا في نفوسهم - من حيث لا يشعرون - لا يزول أو من الصعب أن يزول حين بلوغهم الرشد ودخولهم معترك الحياة وزخارفها، ومن هذا القبيل الأذان في أذن المولود قال المحقق ابن القيم في «تحفة المولود»:

«وسر التأذين - والله أعلم - أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المنتظمة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام.

فكان ذلك كالتلقين له بشعائر الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره به وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>