ومن قوله - صلى الله عليه وسلم - الثابت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لتَتَّبِعُنَّ سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذرعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».
إذاً: قوله عليه السلام: «لتتبعن سنن من قبلكم» هذا معناه: يشمل كل شيء يقع اليوم وفيه تشبه باليهود والنصارى، فزخرفة المساجد قد وقعت اليوم في كثير من المساجد، وكان ذلك نبأ تنبأ به الرسول عليه السلام من قبل، ثم صدقت نبوءته عليه الصلاة والسلام؛ لأنه كما قال رَبُّنا عز وجل في القرآن في حقه:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم: ٣]{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: ٤]، قال عليه الصلاة والسلام كما ترون في هذا الزمان:«لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد»، والآن ترون المساجد يتباهى القائمون على بنائها بطريقة هندسة بنيانها، وبطريقة طبع الزخارف المختلفة الأشكال والألوان عليها، وهذا مما يُلهي المصلين عن الإقبال على رب العالمين عز وجل.
ولذلك جاء هناك حديثان اثنان يلفتان نظر المصلين إلى أنه لا ينبغي أن يكون في مسجدهم ما يشغل بالهم، أو يُلهيهم عن الإقبال على الله عز وجل بكل وجودهم.
أحد هذين الحديثين: جاء في صحيح البخاري: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوماً في قميص يسمى بالخميصة، قال عليه الصلاة والسلام بعد أن صلى: خذوا خميصتي هذه وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني وفي رواية كادت أن تُلْهِيني عن صلاتي»، ما الذي كادت أن تلهيه عن صلاته؟ الخميصة، ما هي الخمصية؟ هي ثوب له أعلام، له خطوط أخضر أزرق أسود إلى آخره، قال:«خذوا خميصتي هذه وائتوني بأنبجانية أبي جهم» ثوب ساذج، «فإن هذه الخميصة كادت أن تلهيني عن صلاتي».
هذا الحديث الأول الذي يُلفت نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنظارنا إلى أنه لا ينبغي أن نبني مساجدنا، وأن نزخرفها زخارف تلهينا عن الإقبال على الله في صلاتنا.
الحديث الثاني: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة فاتحاً منصوراً، دخل جوف الكعبة وصلى ركعتين، فوجد في الجدار الذي صلى إليه قَرْني كبش إسماعيل عليه السلام