للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلون عن يمينه قلة، والمصلون عن يساره كَثْرَة، والعكس هو الصواب.

ولذلك قلنا في الجلسة السابقة: إن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما، فأقلُّهما شراً بلا شك خارج المحراب، لكن في مجال أن نبتعد عن المخالفة جزئياً، وذلك بأن نأخذ عن يسارنا، فبدل أن نأخذ عن يميننا نأخذ عن يسارنا، هنا يُصبح الصف الذي على جهة اليمين أكثر من بقية الصف الذي هو على جهة اليسار، ولولا أني لمست مِن الذي صلى بنا تجاوباً مع السنة، حيث رأيته يصلي صلاة السنة التي قَلَّما أراها في الأئمة اليوم، ما تشجعت لأدخل في مثل هذا التنبيه؛ لأنني أعلم أن هناك كثيراً من الناس يقولون: هذه أمور تافهة، هذه أمور يعني: قشور، بعضهم قد يسميها قشور، وهم يريدون أن يتكلموا بعظائم الأمور، هكذا زعموا، لكننا نحن الدعاة إلى السنة، وعلى منهج السلف الصالح، نرى أنه لا يجوز تقسيم الإسلام إلى لُبّ وقشر، ولا يجوز تقسيم الإسلام إلى ما هو ثانوي وما هو جوهري لسببين اثنين:

أحدهما: أن هذا الذي ليس في ظن البعض جوهرياً؛ قد يكون في ظن البعض الآخر جوهرياً.

والسبب الثاني: أننا على التسليم بأن هناك الأحكام تختلف، وهذا أمر بدهي جداً، فهناك فرض وهناك سنة، وهناك مستحب ومندوب وإلى آخره، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن الإسلام يجب أن يُؤخَذ كُلًّا لا يتجزأ، كل مسلم يأخذ منه حسب طاقته ونشاطه، ورغبته في التقرب إلى الله ربه تبارك وتعالى، ولا يجوز للمسلم البصير في دينه أن يسوق الناس مساقاً واحداً؛ لأن الناس يتفاوتون كل التفاوت في منطلقهم، في تمسكهم في دينهم.

رُبَّ إنسان مثلاً: يقنع فيما يتعلق بالصلاة على الفرائص الخمس، ولا يهتم بالسنن والنوافل، لكنه من جانب آخر: يكثر من الحج والعمرة، فنحن لا نتدخل في شأنه؛ لأن كل مسلم يعلم من نفسه ما يُصلحه التنفل من الصلاة أم التنفل من الحج والعمرة، أم الزكاة أم أم إلى آخره، وإنما نحن علينا البيان، وعلى الآخرين أن يأخذ كل منهم ما يتناسب مع وضعه مع نفسه مع مع إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>