والشيء الثاني: أن كل الشيوخ بيحكوا حرام -مثلاً-, وكيف احنا بدنا نقول غير هيك، أو ما شابه ذلك؟
الشيخ: كلام جوهري, أما بالنسبة للآية:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] الحقيقة أن الناس ابتعدوا جدًّا عن فهم القرآن كما أراده الله عز وجل، وكما بَيَّنه علماء التفسير, أول شيء بيلفت نظركم {إلا المطهرون} مش نحن المسلمين على غير جنابة, على طهارة كاملة نحن المطهرون, هذا له علاقة باللغة العربية -مع الأسف- اللِّي نسيها العرب قبل الأعاجم, «المطهرون» هم الملائكة المقربون.
نحن نقول إذا كنا فِعْلاً كما أراد الله منا متطهرون, فيه فرق بين مطهر ومتطهر, إذا كان فيكم شخص قرأ اللغة العربية نحو وصرف وو إلى آخره، وعرف الاشتقاق في الكلمات, المطهر من الله, المتطهر منه, ولذلك قال تعالى لما ذكر {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}[التوبة: ١٠٨] لما نزلت هذه الآية قال الرسول عليه السلام -طبعا المقصود بالمسجد هنا مسجد قباء- فعرف الرسول عليه السلام أن المقصود بهؤلاء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} هم الأنصار الذين حوله, إني أسمع الله تبارك وتعالى يُحْسِن الثناء عليكم، فلما؟ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} هذا الثناء استحققتموه من الله تعالى، شو بتسووا؟ هذا أسلوب من أساليب الرسول في اكتشاف حقائق بعض الناس الصالحين، من شان الناس الآخرين يقتدون بهم, قالوا: يا رسول الله: لنا جوار من اليهود إذا خرجوا لقضاء الحاجة تطهروا بالماء، فنحن نتطهر بالماء, قال:«هو ذاك فعليكموه».
كان الأعراب في البَرِيَّة -لشُح الماء وقلته- يستعملون الحجارة, هؤلاء الأنصار بحكم مجاورتهم لليهود -وهم أهل كتاب كما هو معلوم- عند اليهود بقية من آثار النبوة القديمة، أنهم يستعملون في الاستنجاء الماء، فالأنصار بفطرتهم السليمة استحسنوا هذا الشيء فأخذوه عن اليهود فصار يستنجوا بالماء, لما قالوا للرسول هذا الكلام قال: هو ذاك, يعني الثناء الذي استحققتموه من الله هذا هو