السنة حقها سواء من حيث الجمع أولاً، ثم من حيث التمحيص ثانياً.
أُدَنْدِن حول نقطة ذكرتُها آنفاً؛ لأنني أشعر أنني نادراً ما تعرضت لبيانها: العادة أن نتعرض لبيان، أنه دخل في السنة ما ليس منها، أما أن نتعرض لبيان أنه قد ضاعت بعض السنة على بعض العلماء، فيجب نحن أن نتحرى هذه السنة الضائعة على بعض العلماء فنضُمُّها إلى المجموعة التي اخترنا منها ما صح من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وإن مما لا شك فيه أن هذا الواجب المزدوج أي: من حيث الجمع أولاً، ثم من حيث تصفية الصحيح من الضعيف ثانياً ..
لا شك ولا ريب أن مثل هذا العمل لا يمكن أن يقوم به فرد أو أفراد أو عشرات أو مئات، ومتفرقين في العالم الإسلامي.
الأمر أعظم بكثير جداً جداً مما يتصوره البعض أنه أمر ميسور، الجمع ثم التمحيص وتمييز الصحيح من الضعيف.
ولكن لما كان من القواعد الإسلامية المُتَّفق عليها بين الأمة، قوله تبارك وتعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] لا ينبغي لمن كان عنده قدرة على الجمع أو التمحيص، بل وعلى الجمع بين الأمرين كليهما، لا بد أن يقوم به من هذا الباب:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
ولا شك ولا ريب أن العالم المسلم كلما كان أكثر جمعاً للسنة، وأعرف بتمييز صحيحها من ضعيفها، كلما كان متمكناً من تفسير القرآن تفسيراً صحيحاً، وبالتالي كلما كان أفقه بالإسلام من أولئك الآخرين الذي لم يُؤْتَوا حَظًّا من الجمع للسنة ومن التمييز للصحيح من الضعيف منها.
إذاً: فالعلم النافع هو المستقى من كتاب الله، والمفسر على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا التمحيص الذي نُدَنْدِن حوله، ذلك مما نراه أشبه ما يمكن أن نقول عنه إن هذه الحقيقة العلمية ضائعة اليوم من أفكار كثير من العلماء، فضلاً عن طلاب العلم الذين ابتلوا بالإفتاء أو بالتأليف والتصنيف.