ولهذا لم يحتج به أحد من الصحابة حينما تنازعوا في موضع دفنه ولو كان هذا عندهم لكان نصا في محل النزاع، ولكن دفن في حجرة عائشة في الموضع الذي مات فيه - بأبي هو وأمي - صلوات الله وسلامه عليه».
ثم اعلم أن «المراد بتسمية ذلك الموضع روضة أن تلك البقعة تنقل إلى الجنة فتكون روضة من رياضها أو أنه على المجاز لكون العبادة فيه تؤول إلى دخول العابد روضة الجنة. وهذا فيه نظر إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة والخبر مسوق لمزيد شرف تلك البقعة على غيرها. وقيل: فيه تشبيه محذوف الأداة أي: هو كروضة لأن من يقعد فيها من الملائكة ومؤمني الإنس والجن يكثرون الذكر وسائر أنواع العبادة». كذا في «الفتح»«١١/ ٤٠١ - ٤٠٢».
وهل المراد بالبيت جميع البيوت التي كانت لأزواجه عليهن السلام أو المراد بيت واحد منها وهو بيت عائشة الذي صار قبره فيه؟ الظاهر الثاني ويدل عليه أنه الذي فهمه السلف الذين رووا الحديث بلفظ:«قبري» بدل «بيتي» كما سلف إشارة إلى أن المراد بالبيت البيت الذي فيه قبره وإلى هذا مال الحافظ في «الفتح» حيث قال بعد أن حكم بخطأ رواية ابن عساكر المتقدمة:
«نعم وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار بسند رجاله ثقات وعند الطبراني من حديث ابن عمر بلفظ: القبر فعلى هذا المراد بالبيت في قوله: بيتي. أحد بيوته لا كلها وهو بيت عائشة الذي صار قبره فيه وقد ورد الحديث بلفظ: ما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة. أخرجه الطبراني في «الأوسط».
قلت: وهو من حديث أبي سعيد الخدري وقد حسنه الهيثمي كما سبق. والله تعالى أعلم.