للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الطيبي أن: «الزيارة يوم السبت سنة» ليس كما ينبغي (١).

وكذلك الاستدلال بالحديث على جواز التخصيص المذكور ليس بجيد أيضا إلا أن يكون المراد به التخصيص مراعاة للمصلحة لا ترجيحا ليوم على آخر بدون نص من النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثال ذلك تخصيص يوم للتدريس أو إلقاء محاضرة ليجتمع


(١) وأذكر أنني قرأت عن بعض العلماء أنه ذهب إلى أن المراد من قوله في الحديث: «كل سبت» أي كل أسبوع وأنه ليس المراد يوم السبت نفسه وقد احتج لذلك من اللغة بما لا أستحضره ولا أذكر الآن في أي كتاب قرأت ذلك فمن وجده، فليكتب فإذا صح ذلك فلا دلالة حينئذ في الحديث على التخصيص قط. ثم وقفت على من ذكر ذلك وهو الإمام أبو شامة الشافعي في كتابه «الباعث على إنكار البدع والحوادث» وقد ذكر فيه ما يوافق ما ذهبنا إله من عدم جواز التخصيص وإليك كلامه في ذلك كله قال رحمه الله «ص ٣٤»:

«ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصها بها الشرع بل يكون جميع أنواع البر مرسلة في جميع الأزمان ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوع من العبادة فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء والصلاة في جوف الليل والعمرة في رمضان ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلا فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حضل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر. فالحاصل أن المكلف ليس له منصب التخصيص بل ذلك إلى الشارع وهذه كانت صفة عبادة النبي صلى الله عليه وسلم»
ثم ساق حديث «الصحيحين» عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر ويفطر حتى نقول: لا يصوم. وحديث علقمة قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص من الأيام شيئا؟ قالت: لا كان عمله ديمة. ثم قال:
«قال محمد بن سلمة: ولا يؤتى شيء من المساجد يعتقد فيه الفضل بعد المساجد الثلاثة إلا مسجد قباء قال: وكره أن يعد له يوما بعينه فيؤتى فيه خوفا من البدعة وأن يطول بالناس زمان فيجعل ذلك عيدا يعتمد أو فريضة تؤخذ ولا بأس أن يؤتى كل حين ما لم تجئ فيه بدعة. قلت: وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء كل سبت. ولكن معنى هذا انه كان يزوره في كل أسبوع وعبر بالسبت عن الأسبوع كما يعبر عنه بالجمعة ونظيره ما في «الصحيحين» من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجعة قال فيه: فلا والله ما رأينا الشمس سبتا. والله أعلم». [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>